جديد أوباما .. للفلسطينيين!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد قطع الرئيس الأميركي باراك أوباما الشك باليقين، بل أكد إعلان البيت الأبيض قبيل زيارة أوباما أنه لا يحمل مبادرة سلام لحل الصراع العربي ـ الصهيوني، وقطع كل التأويلات حين تناول "العلاقة الأبدية" بين بلاده وكيان الاحتلال الصهيوني؛ تارة بالعبرية، وتارة أخرى بالإنجليزية، وأن التحالف الاستراتيجي بينهما "أبدي .. إلى الأبد".


هذا اليقين ازداد يقينًا ووضوحًا أكثر حين انتصب أمام أساتذته مؤلفًا تاريخيًّا، بل محرفًا تاريخيًّا ومتفوقًا عليهم، ليفيض عليهم من بحر أوهامه، وذلك حين تحدث عن أرض "إسرائيل" التاريخية منذ ثلاثة آلاف سنة، وأن اليهود بعد قرون من التشتت بدأوا العودة وأقاموا "دولتهم"؛ ويقصد كيانهم المحتل، منذ خمس وستين سنة، وهي "دولة" "ديمقراطية" كحليفها الأبدي الولايات المتحدة، لينقل بعد ذلك الجميع (صهاينةً وقطعانًا مستوطِنةً وفلسطينيين ومتابعين) إلى صورة أعمق وضوحًا، صورة ثلاثية الأبعاد، حين طالب أوباما الفلسطينيين أثناء زيارته لرام الله ولقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بـ"الاعتراف" بأن كيان الاحتلال الصهيوني الذي يبيدهم ويمارس محرقة إفناء الشعب الفلسطيني، سيكون "دولة" يهودية، وعلى العرب، والفلسطينيين في مقدمتهم، أن يتخذوا خطوات نحو تطبيع العلاقات مع الكيان المحتل "اليهودي"، فقد حان الوقت للتحول إلى هذا الوضع.

لماذا يا "مستر" أوباما؟ لأنه صحيح أن كيان الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه "يشعرون بأمن أكثر تحت نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ"، إلا أن هذه الخطوة لا تكفي، بل لا بد من وجود ضمانات سياسية وأمنية تساند دور القبة الحديدية، وتتمثل هذه الضمانات في الاعتراف بـ"يهودية" كيان الاحتلال الصهيوني، و"تطبيع" العرب كل العرب حتى المعسكر الممانع والمقاوم. ولكن كل ذلك مقابل ماذا أيها "الرئيس الحليف الأبدي"؟ مقابل "دويلة" فلسطينية "مستقلة" يجب أن تكون "قابلة للحياة".

أين هذه الدولة؟ وأين حدودها؟ وما مصير اللاجئين؟ وما وضع القدس المحتلة؟ وما وأين موقفك من الاستيطان الذي يدمر "الدولة الفلسطينية القابلة للحياة"؟


إن أوباما بهذه المواقف والتصريحات المتخاذلة والممالئة تذكرنا بمواقف سلفه جورج بوش "الصغير" حين أكد على ما يسمى "يهودية" كيان الاحتلال الصهيوني ومارس ضغوطًا كبيرة في هذا الاتجاه، وأعطى رسالة الضمانات لمجرم الحرب الميت سريريا أرييل شارون رئيس حكومة الاحتلال آنذاك، والتي كانت تقضي بتمليك من لا يملك لمن لا يستحق، وما آلة الاستيطان التي تلتهم الآن ما تبقى من الأرض الفلسطينية إلا انعكاس مباشر لرسالة الضمانات، فهي شبيهة تمامًا بوعد بلفور البريطاني.

وكذا يثبت أوباما أنه وبوش وجهان لعملة واحدة، وهذا يؤكد ما معنى التحالف الاستراتيجي الذي شدد عليه أوباما في خطاب الوصول إلى أرض فلسطين التاريخية المحتلة "أبدي .. إلى الأبد"؟ فرعاية كيان الاحتلال الصهيوني وتوفير كافة الضمانات اللازمة له لاحتلال كامل أرض فلسطين المحتلة، وتلبية ما يرغب فيه من مشاريع احتلالية وتدميرية، يعد ذلك من الثوابت في السياسة الأميركية لا يمكن أن يخرج عنها أي رئيس أميركي.


إن الرئيس الأميركي باراك أوباما جاء ليؤكد لدول المنطقة وما جاورها هذه الثوابت، ويؤكد على الضمانات الأميركية الناشئة وفق التحالف الاستراتيجي "الأبدي" ومن على أرض فلسطين التاريخية المحتلة "كيان الاحتلال"، وإعطاء مجرمي الحرب الصهاينة الضوء الأخضر في مباشرة ضرب ما يرونه تهديدًا أو معرقلًا لمشاريعهم الاستعمارية التدميرية، وما على الفلسطينيين إلا التسليم بالاعتراف بـ"يهودية" هذا الكيان حتى يفقد كل فلسطيني الحق ، ليس في العودة الى منزله في الأرض التي احتلت في عام 1948م، بل وطرد الموجودين حاليا خلف ما يسمى الخط الأخضر، والعرب عليهم "التطبيع" .. هذا هو الجديد ـ القديم في زيارة أوباما.

 

Email