وقفة مع التحول الكيماوي للأزمة السورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لم يكن الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي تعرض له سكان قرية خان العسل قرب حلب مجرد حدث عادي عابر في مجرى الأزمة السورية، فالهجوم كان نقلة نوعية يستحق الوقوف عنده مطولا ومناقشة تداعياته ومؤشراته في الذكرى الثانية لاندلاع شرارة الاضطرابات في هذا البلد. ولا تأتي أهمية الهجوم الكيماوي بسبب عشرات الضحايا والجرحى الذين سقطوا نتيجة الهجوم فقط، ففي كل يوم يصاب ويقتل العشرات في عمليات القصف والمعارك الدائرة، بل إن عدد ضحايا بعض التفجيرات الانتحارية كان أكبر من عدد الذين سقطوا نتيجة الهجوم الكيماوي، وغالبيتهم أيضا من النساء والأطفال.


القضية هنا هي رمزية الهجوم الكيماوي، فمن الواضح أن المادة التي استخدمت في هذا الهجوم كانت بدائية وبسيطة، وذلك واضح من قلة عدد الضحايا نسبيا وسهولة علاج المصابين. ولا شك أن الأسلحة الكيماوية الحديثة المتطورة قادرة على إيقاع آلاف، وربما عشرات آلاف الضحايا في فترة زمنية قصيرة، ويمكن مقارنة ذلك مع ما حدث في حلبجة في 1988، عندما استخدم النظام العراقي غاز السيانيد ضد الأكراد وقتل أكثر من 5000 شخص في ذلك الهجوم. وبعد مرور 25 سنة، لا بد أن هناك الآن أسلحة أكثر فتكا وفعالية من تلك التي استخدمت في هجوم خان العسل.


وهنا لا بد من التجرد والحديث بكل شفافية وموضوعية عن هذا التحول الخطير حول مسؤولية هذا الهجوم. فتبادل الاتهامات والشتائم بين النظام والمعارضة لن يفيد الأطفال والنساء والذين سقطوا ضحية الهجوم، ولن يكشف من نفذه بهذا الأسلوب. الأمر يحتاج إلى تحقيق دولي محايد لا تسمح ظروف البلد الحالية بإجرائه. كما أن مجرد تبادل الشتائم والاتهامات لن يفيد في منع استخدام السلاح الكيماوي مرة ثانية وثالثة وبفعالية أكبر. لكن هناك حاجة ماسة لأن تقوم الدول المؤثرة على جميع الأطراف باستخدام كل ما لديها من نفوذ للضغط على الجميع وتحذيرهم بضرورة عدم تكرار هذا التطور الخطير والذي قد تكون نتائجه في المرة القادمة كارثية بكل معنى الكلمة.


وفي ضوء كل ما يحدث وما يعانيه الشعب السوري منذ عامين، يبرز السؤال الأهم: ألم يحن الوقت لإيقاف الدمار في سورية؟
 

Email