زيارة أوباما وفن الحد من التوقعات

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من المبالغة في شيء إن الزيارة التي يبدأها اليوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإسرائيل، والتي تمتد لتشمل رام الله وكذلك المملكة الأردنية الهاشمية، هي على الأرجح الزيارة الأخيرة له إلى الشرق الأوسط، بصفته رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية.

وليس ذلك مصادرة على المستقبل بالطبع، ولكن رئيس الدولة الأعظم في العالم لا يملك إمكانية زيارة الشرق الأوسط مرتين خلال فترة رئاسية واحدة، خاصة وأن هذه الفترة الرئاسية هي الثانية له، وهي تزدحم بالكثير من القضايا التي عليه النظر والبت فيها، فضلا عن أن الولايات المتحدة أخذت تعطي اهتمامًا أكبر لمنطقة شرق آسيا والباسيفيكي. يضاف إلى ذلك أن الفجوة والمسافة بين الفلسطينيين وإسرائيل الآن، هي في الواقع أوسع من أن تضيق بشكل كبير، يحقق الاتفاق بين الجانبين بشأن تسوية سياسية مقبولة وقادرة على تلبية حل الدولتين، خلال المدى القصير الذي تشكله سنوات أوباما الأربع التي بدأت بالفعل منذ شهرين تقريبًا.

وإذا كان من الطبيعي أن زيارات أوباما وغيره من قادة الدول الكبرى، هي في العادة زيارات عمل، ترتبط وتتشابك مع العديد من الموضوعات التي تفرض نفسها على الأطراف المعنية، أو تكاد، فإنه من الواضح بالنسبة لزيارة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط التي تبدأ اليوم أن الإدارة الأمريكية حرصت على أن تقلل، إلى أكبر حد ممكن، من التوقعات المرتبطة بعملية السلام في الشرق الأوسط، واحتمالات إعادة تنشيطها مرة أخرى، وهذا أمر مفهوم في ظل طبيعة الظروف التي تمر بها المنطقة من ناحية، وطبيعة توجهات أركان الحكومة الإسرائيلية الجديدة من ناحية ثانية، ولم تمض ساعات على أداء اليمين القانونية لأعضائها، إلا وانطلقت التصريحات التي تشير بوضوح إلى أن الفجوة لن تضيق، ولكنها ستزداد على الأرجح بين إسرائيل والفلسطينيين.
ومع ذلك فإن الباب لن يتم إغلاقه تمامًا.

من جانب آخر فإنه ينبغي التوقف أمام الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي أوباما إلى الشعب الإيراني بمناسبة عيد النوروز، بداية السنة الفارسية، وهذه الرسالة حملت، بمحتواها وبالمناسبة التي جاءت فيها، رغبة واضحة من جانب أوباما بحل مسألة البرنامج النووي الإيراني سلميًا، وبما يتيح للجمهورية الإسلامية الإيرانية استعادة مكانتها على الصعيد الدولي وانتهاء الظروف الراهنة والحصول على الطاقة التي تحتاجها بالوسائل السلمية. وليس من المصادفة أبدًا أن تأتي هذه الرسالة عشية بدء أوباما لجولته اليوم.

على أية حال فإن رسالة أوباما لإيران، ونتائج محادثات الجولة الأخيرة بين إيران والدول الست الكبرى في كازاخستان، وتصريحات كيري، يمكن أن تسهم في إيجاد مناخ أفضل في اتجاه إيران، خلال الفترة القادمة، برغم أنها قد تثير دهشة أو تساؤل نتانياهو وحكومته، خاصة وأنه لم يتوقف، طوال الفترة الأخيرة، عن محاولة تحريض الولايات المتحدة ضد إيران بكل السبل الممكنة.

ولأن جولة كتلك التي يقوم بها أوباما تستحق العناء، فإنه من الضروري انتظار ما ستسفر عنه بالفعل، بالنسبة لكل الملفات التي تتناولها، وهي شديدة الأهمية لحاضر المنطقة ومستقبلها. ولا يقلل من ذلك محاولة واشنطن الحد من التوقعات
 

Email