الأزمة السورية.. "العسكرة" تغلب "السياسة"

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من كل التحركات الدولية التي تسعى لاحتواء الأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث قبل 3 أيام، إلا أن الأوضاع على الأرض تنبئ بعكس ذلك. ومثلما كان لوزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل استغراب من استخدام النظام هناك لصواريخ استراتيجية ضد شعبه، عاود نظام الأسد أول من أمس قصف عدد من المناطق بصواريخ "سكود"، وهو تطور لا يمكن أن يفهم منه إلا إصرار النظام هناك على الاستمرار بـ"الحل العسكري" ولو حاول أن يوحي للمجتمع الدولي غير ذلك، عبر إيفاده للمستشارة الإعلامية بثينة شعبان لجنوب أفريقيا للطلب من دول البريكس التي ستجتمع نهاية الشهر، وضع حد للعنف في سورية.

من المؤكد في مجمل المشهد السوري أن الكفة على الأرض باتت أقرب للتوازن أكثر من أي وقت مضى، مثلما هو حال المعادلة الدولية، وخصوصا مع التطور في موقف كل من باريس ولندن اللتين اتفقتا على بحث رفع الحظر عن تسليح المعارضة، وهي الرؤية التي تعكس بما لا يدع مجالا للشك وجود مؤشرات واضحة لفقد الأسد وقوات جيشه السيطرة على الأرض تدريجيا خصوصا في المناطق التي تقبع تحت سيطرة الجيش الحر.

هناك من يقول، إن الأزمة التي استمرت لعامين دون مقدرة أحد أطرافها على الحسم العسكري، لا يمكن إلا أن تعود إلى الدبلوماسية. لكن ما قاله وزير الخارجية الفرنسي السابق آلان جوبيه يعكس فشل كل السبل السلمية التي انتهجتها بلاده والمجموعة الدولية طيلة عامي الأزمة، إذ قال "عملنا طيلة عامين كل ما في وسعنا لإيجاد مخرج دبلوماسي لهذا النزاع، لكننا لم ننجح".

المشكلة تكمن في أن الأوساط الغربية بدت مقتنعة باستحالة الحل الدبلوماسي، فيما لا يزال المبعوث الدولي للأزمة الأخضر الإبراهيمي يكابر في مساعيه الخاصة لوضع حد للأزمة، وها هو يصل مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون للقاهرة في مسعى يضاف لعشرات المساعي الفاشلة التي بدأت منذ مهمة كوفي عنان، وانتهت بـ"مهل عدة" راح ضحية أحدها 1000 قتيل.

وبينما يتطلع المراقبون لاجتماعات الائتلاف السوري المعارض التي تبدأ اليوم الاثنين، لاختيار أول رئيس حكومة سورية، يظل الخيار السياسي والسلمي لحل الأزمة بعيد المنال، فالأمور على الأرض تشهد فلتانا لا يمكن السيطرة عليه إلا بـ"الخيار العسكري" فقط.
 

Email