لأن القطاف لم يحن فإن التآمر مستمر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن عمليات التحريض والتأليب ضد سوريا لا ولن تتوقف، ولا ولن يكل أصحابها ما دام موعد قطاف التدخل الخارجي في الشأن الداخلي السوري لم يحن بعد، والذي يتمثل في تدمير هذا القطر العربي الصامد في وجه مؤامرة إخراجه من معادلة الصراع مع كيان الاحتلال الصهيوني، بعد أن تم إخراج جميع الدول العربية من المعادلة والتي منها ما تم حل جيشها ومنها ما تم تحييده، ومنها ما تم تحويله إلى جيش يمارس حراسة مؤسسات، وهو ما يحسب للنجاح الغربي في هذا المخطط الذي وجد استعدادًا عربيًّا وتماهيًا معه لا نظير له، حيث استطاع الغرب أن يحرر شهادة نجاح للدول العربية وجامعتها العتيدة بتقدير امتياز باسم "الاعتدال" وهو اعتدال، بل "اعتلال" أصاب كامل الجسد العربي، وشل حركته.
وقد امتد هذا التماهي والاستعداد إلى المنظمات والمؤسسات الدولية الرسمية والخاصة والمعنية بقضايا الشعوب وبقضايا حقوق الإنسان، والتي ساعدها هذا التماهي في الخروج عن المسار الذي يفترض أن تسير عليه نحو نصرة الشعوب ورفع الظلم عنها، بدلًا من المساهمة في مضاعفة المعاناة والمآسي للشعوب وهضم حقوقها، والتحول إلى خندق التآمر والتحريض وصبغ مشاريعهم بصبغة شرعية وإشفاعها بتقارير ذات صبغة دولية رسمية، فالأزمة السورية كشفت المزيد من الحقائق عن الدور المتخاذل، بل والمضاد للحق، بدءًا من الأمم المتحدة وهيئاتها، مرورًا بالمنظمات الحقوقية غير الرسمية، وانتهاء بجامعة الدول العربية.
فمنذ تفجر الأزمة السورية لم تقدم تلك المؤسسات دورًا إيجابيًّا باتجاه حل الأزمة سلميًّا، وإنما كان دورها سلبيًّا بامتياز، حيث قفزت على كل ما هو منطقي وعقلاني في حل الأزمة إلى ما هو مؤجج ومثير للفتنة ومعقد للأزمة، وبالتالي مضاعف لمعاناة الشعب السوري وآلامه، فراحت تبحث عن أقصر الطرق لإسقاط الدولة السورية وتدميرها وتفتيتها، وحاولت جاهدة إيجاد مسوغات التدخل العسكري على غرار السيناريو الليبي، من خلال اتهام الجيش العربي السوري وقوات حفظ النظام السورية والحكومة بارتكاب مجازر قامت العصابات المسلحة بارتكابها وتصويرها وبثها عبر الوسائل الإعلامية الموالية والداعمة لها، في محاولة يائسة لتبرير التدخل العسكري الأجنبي ولإحراج الرافضين لهذا المخطط. وحين أحبط العقلاء هذا المشروع التدميري، عمدت إلى إلحاق الأذى بالشعب السوري بالعقوبات الاقتصادية الظالمة، بل ومضاعفة هذا الأذى بتشديدها، وعسكرة المطالب بتسليح المعارضة بالأسلحة النوعية المتطورة. ولما رأى الشعب السوري أن بلاده وجيشها العربي الباسل يتعرضان لمؤامرة كونية حقيقية في إطار مشروع صهيو ـ أميركي لإعادة رسم المنطقة يقوم بداية على زعزعة استقرار الدول الرافضة للاحتلال الصهيوني وممارساته القمعية والداعمة لقوى التحرر والمقاومة، ولما رأى أن الغزاة وعملاءهم أضحوا في كل مكان داخل المدن والقرى والأرياف وعلى الحدود يدمرون وينهبون ويقتلون الآمنين والرافضين لهذه المؤامرة ولهذا الغزو، هب الشعب السوري للدفاع عن وطنه وعن عرضه وكرامته وشرفه، والتفَّ حول جيشه المستهدف أولًا من المؤامرة. ومن الطبيعي أن هذا الوعي وهذا التطور النوعي في الأداء للشعب السوري أن لا يعجب أصحاب المخطط التدميري والمنظمات الدولية المجيرة لخدمة هذا المخطط التي صاغت تقريرًا مغلوطًا عن هبة الشعب السوري في الدفاع عن عرضه وشرفه وكرامته ووطنه والتصدي لعصابات المتآمرين وعملائهم، متهمة إياه بارتكاب مجازر.
المؤسف أن تنزل منظمة في حجم منظمة الأمم المتحدة بأفرعها المتخصصة إلى هذا الأداء في التعامل والمهنية، بينما كان حريًّا بها أن تعمل على التخفيف عن معاناة الشعب السوري في مخيمات اللجوء الذين يتعرضون للتعذيب والانتهاكات الجسدية والمعنوية، وأن تضغط باتجاه الحوار والحل السياسي، بدلًا من هذا الأسلوب الرخيص وتسييس التقارير التي يجب أن تكون نزيهة وموضوعية، في تجاهل تام للمجازر التي ترتكبها العصابات المسلحة والإرهابية، وصمت مطبق عن الممولين وعاقدي صفقات السلاح النوعي لقتل الشعب السوري وتدمير وطنه.

Email