سورية.. صراعات بالوكالة ومستقبل مجهول

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي حرر فيه الجيش الحر مدينة الرقة؛ يحاول حزب الله إرسال عناصر جديدة للقتال في سورية والعمل على نشرها في حوض العاصي وريف حمص وحماة، لأن دعم بشار ونظامه هي قضية وجود بالنسبة لحزب الله، وفي الوقت ذاته تصرح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن أعداد النازحين السوريين إلى دول الجوار قاربت المليون نازح، نصفهم من الأطفال دون سن الحادية عشرة. ، مما يعني أن الأزمة ـ على المستوى الإنساني ـ وصلت إلى ذروتها.

الأكثر إثارة، هو أن الأمور تراوح مكانها على المستوى السياسي، الأمر الذي أدى إلى تطورات مفاجئة في المواقف السياسية، وهي تطورات ناجمة عن العجز العربي والدولي عن تحريك الأحداث من مرحلة التعقد، إلى مرحلة الانفراج، ومن ذلك دعوة وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور ـ أمس ـ إلى إعادة سورية الى الجامعة العربية، بعد تعليق عضويتها في نوفمبر 2011، ما يشي بأن تعليق العضوية لم يحقق أهدافه، ولم يغير من نهج النظام، ولا طريقة تعاطيه مع الأحداث على المستويين السياسي والعسكري.

لقد باتت سورية ساحة صراع مفتوحة للقوى العظمى، وكل الظروف هيأتها لذلك؛ موقع استراتيجي في غاية الأهمية، ونظام قمعي عسكري بثقافة شمولية أحادية، مما جعل البلاد رهنا في أيدي أنظمة تطمح للتوسع، كإيران وروسيا.

القوى العظمى خاضت الحروب الساخنة، والأخرى الباردة، فيما تخوض الحرب ذاتها على الأرض أطراف أخرى بالوكالة، وهو ما يفسر حالة الترقب وعدم الاستعجال من المجتمع الدولي بخصوص إنهاء الأزمة السورية، والضحية هو الشعب وحده، الإنسان السوري أولا، ثم الوطن ثانيا.

إن مجرد التفكير في مستقبل سورية، ينبئ بمخاطر عدة في الأيام المقبلة، فالأسد وزمرته سيذهبون جفاء، ولكن الوطن السوري بعد أن دمره نظام البعث إنسانيا وعسكريا بحاجة إلى جهود دولية مستمرة، من الواجب أن تبدأ الآن، لوضع خطط بعيدة المدى تعيد بناء وإعمار سورية، تبدأ بالإنسان السوري، الذي سيجد نفسه بعد زوال النظام أمام خيارات مفروضة عليه، من الفقر والحاجة، والصراع المقبل بين تيارات وقوى قد لا تمثل معاناته وتطلعاته، والأمثلة حية على ذلك، وما حدث في بعض بلدان الربيع العربي خير شاهد.
 

Email