مراهنات خاسرة.. حتمًا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن الحراكات السياسية التي تشهدها أكثر من عاصمة غربية وإقليمية وعربية حول الأزمة السورية وضرورة الحل السياسي لها، لا تزال تواجه رهانات متعددة ومتاريس وعقبات كثيرة بدأت تأخذ أشكالًا متنوعة. ولعل من بين هذه الرهانات التي تحاول المعارضة السورية المسلحة وقياداتها في الخارج وبعض القوى الداعمة العمل عليها، هي لعبة التحريض الطائفي وجر الدول التي تتشاطر الحدود مع سوريا وتحديدًا ذات التعدد الطائفي والمذهبي والعرقي، ويبدو أنها آخر ورقة لها تلعب بها في مواجهة التحرك نحو الحل السياسي عبر الحوار إلى جانب العمليات المسلحة، بعد أن يئست من محاولاتها لإحداث فتنة في الداخل السوري وتفجير حرب أهلية طائفية، بفضل الوعي الكبير الذي يتحلى به الشعب السوري، وكذلك وعي معارضة الداخل ورفضها عسكرة المطالب وإصرارها على سلميتها، ورفض العنف الذي تقوده معارضة الخارج عبر المجندين من المرتزقة والمتمردين والمضللين والتي حاولت جاهدة إقناع معارضة الخارج وجمعها على كلمة سواء عبر مؤتمر جنيف الذي عقدته مؤخرًا، والذي تعبيرًا عن رفضه وإصرارًا على خيار العنف، عقدت معارضة الخارج مؤتمرًا مزامنًا له في باريس كان شعاره العنف والتسليح والتحريض.
لا أحد ينكر الانخراط التركي المباشر وضلوع الحكومة التركية فيما يحدث من قتل ودمار وخراب وتفكيك المصانع وآلاتها داخل سوريا من خلال عمليات التجنيد والتدريب والتسليح لعشرات الآلاف من المجندين من المرتزقة والمتمردين والظلاميين وإقامة معسكرات خاصة لهم، إلا أن هذا التدخل التركي المباشر وتعقيد الأزمة وإيصالها إلى هذا الحد الذي نراه، هناك من يرى أنه لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف المبتغاة كاملة إلا في حال جر دول الجوار ذات التعدد المذهبي والطائفي رغمًا عنها على النحو الذي نراه الآن من محاولات لجر العراق ولبنان إلى أتون الأزمة السورية، لكون أن التعدد المذهبي والطائفي والعرقي في هذين البلدين من شأنه تحويل سوريا إلى كتل نار ملتهبة، وواضح أن هؤلاء اليائسين وفي ظل تحالفهم مع التنظيمات الإرهابية باتوا يراهنون على إحداث فتنة طائفية يكون طرفاها السنة والشيعة، بعد أن خابت مراهناتهم على التدخل العسكري الأجنبي المباشر وتحديد الداعمين لهم شروطًا لمدهم بالسلاح النوعي المتطور، يرى منها هؤلاء البائسون شروطًا صعبة، بحكم العلاقة المتينة والوثيقة القائمة بينهم وبين التنظيمات الإرهابية كـ"جبهة النصرة" وغيرها، وعدم استعدادهم الاستغناء عنها، وبعد أن خابت محاولاتهم للتحريض عبر ارتكاب المجازر بالجملة والتي صرح فريق منهم لوسائل إعلام بأن هذه المجازر ضرورية ولا بد منها. غير أن لبنان تنبه لهذه اللعبة القذرة وبدأ عقلاؤه بتحصين البيت اللبناني من النعرات الطائفية ولا يزالون يبلون حسنًا للقضاء على أصوات التحريض وإخماد نار الفتنة في أماكن تواجدها. والأنظار تتجه الآن إلى العراق الذي شهد أمس الأول جريمة غادرة نكراء باستهداف جنود سوريين عزل وعراقيين وقتل ثمانية وأربعين جنديًّا سوريًّا وتسعة جنود عراقيين، بأن يتحرك عقلاؤه لوأد هذه الفتنة في مهدها ورد كيد الكائدين.
إن السعي إلى إثارة حرب طائفية مذهبية لن يكون فيها فائز سوى الذين يقودون مشروع التدمير والتقسيم والتفكيك في المنطقة والذين يتقدمهم كيان الاحتلال الصهيوني، ومن يسع إلى هذه الفتنة إنما هو متآمر وعميل، وفي النهاية سيجد بتآمره وعمالته أنه سيرجع خالي الوفاض وسيخسر خسرانًا مبينًا.

Email