حكومة المالكي واستقالة العيساوي.. بداية التصحيح

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ نحو 3 أشهر، ورقعة الاحتجاجات في المحافظات السنية العراقية تتسع، مليونية في الفلوجة، ومثلها في الأنبار، ورئيس وزراء الحكومة نوري المالكي، لم يكن على قدر الحدث.

مشكلة المكابرة في مثل هذه الأزمات أنها قد تجر الأوضاع باتجاه لا تحمد عقباه. وفي الماضي دروس وعبر، فما بالك وإن كان الدرس لا يزال "فعلا مضارعا" وواقعا معاشا في الجارة السورية، التي يزداد الوضع فيها سوءا يوما بعد آخر، نتيجة تعنت النظام هناك ورفعه لشعار "أنا ومن بعدي الطوفان"، وهو ما يبدو عليه المالكي وحكومته التي تبدو "غير رشيدة" وغير آبهة بما يجري، باعتبارها الاحتجاجات "فقاعة" زائلة.

استقالة وزير المالية رافع العيساوي من منصبه في حكومة نوري المالكي، شكلت بداية رشد لأحد أعضاء الحكومة، ولكنه ليس رشدا كاملا، كما أنها تعني بما لا يدع مجالا للشك أن الانقسامات بدأت تترجم لواقع عملي في جسد الحكومة العراقية.

الاحتجاجات الحالية التي تقودها المحافظات السنية في العراق، والممتدة منذ 12 أسبوعا، ليست كسابقاتها، وقد تمتد إلى مواقع أخرى، وخصوصا إذا ما تم الأخذ بالاعتبار المساندة التي يلقاها الحراك الشعبي من عشائر الجنوب أولا، والأكراد ثانيا.

ويبدو أن الحراك الشعبي العراقي هذه المرة، قرر عدم العودة عن هدف إسقاط الحكومة، فيما تحاول حكومة المالكي بدورها أن تظهر نفسها في صورة المتقبلة لتلك الاعتصامات لكي لا تتراجع في ملف الحريات وإقرار حق التظاهر، لكن السكوت في مثل هذه الأحوال التي تشهد تزايدا في الاحتجاجات يعد نوعا من أنواع التجاهل، والتجاهل قد يزيد من حالة احتقان وغليان الشارع.

كل التصريحات التي تطلقها فعاليات الحراك الشعبي في العراق، تركز على نقطتين أساسيتين؛ الأولى، إصرارها على تنفيذ مطالب المحتجين، والثانية، تمسكها بـ"سلمية الحراك" حتى في ظل الاستفزازات الحكومية. غير أنه في مقابل تعنت المالكي ومركزيته وتفرده بالوزارات السيادية فإن المشهد هناك يزداد ضبابية، مما ينذر بتفجر الأوضاع في أي لحظة، وهو ما يجب أن يفوته عقلاء العراق العربي على مهووسي السلطة في بلدهم.
 

Email