امتحان لإرادة المجتمع الدولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تُشكل دعوة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى للتأسيس عبر الإرادة السياسية والشعبية لبناء مجتمع إنساني عالمي يقوم على المشترك ويحترم الخصوصيات والديانات ويسود فيه القانون الدولي على الجميع وتنتفي فيه ازدواجية المعايير والانتقائية في التعامل مع الدول والشعوب امتحانًا لمصداقية ودور المجتمع الدولي الذي طالبه سمو الأمير المفدى بضرورة السعي الحثيث لإيجاد حلول عادلة للمشاكل العالمية عبر احترام جاد لما استقر في وجدان البشرية من قيم وأعراف ومبادئ تُعزّز التعاون البناء وتحقق الأمن والسلام والازدهار والتنمية المستدامة والعادلة لجميع الأمم والشعوب.

لقد شدّد سمو الأمير المفدى في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الأمم المتحدة الخامس لتحالف الحضارات الذي عُقد في العاصمة النمساوية على أن امتحان المجتمع الدولي يكمن في مدى إمكانية فرض الحوار والتفاوض أساسًا لفض الصراعات وفي البحث عن المشتركات التي تشكل همومًا وتحديات للإنسانية جمعاء وفي التصدي لمن يلبس الصراعات والنزاعات لباس الحضارات.

إن تزايد مظاهر الفهم الخاطئ للدين الإسلامي الحنيف والحضارة الإسلامية وتعرض المسلمين لمظاهر التهميش والتمييز والكراهية في العديد من مناطق المعمورة يؤكد الحاجة إلى مبادرة "تحالف الحضارات" لبناء آفاق تعاون متعددة بين مختلف الأمم والشعوب ومعالجة التوترات والنزاعات والقضاء على كل ما من شأنه أن يزيد في توسيع الهوة بين الأمم. فتفهم الآخرين واحترام ثقافتهم ومعتقداتهم ونبذ التطرف والكراهية والعنصرية هو السبيل الأنجع لسد الذرائع أمام من يحاولون استغلال تلك المظاهر للحضّ على استخدام العنف والإرهاب.

إن التشخيص الدقيق للواقع الذي قدمه سمو الأمير للأوضاع في العالم الذي يموج بانقسامات سياسية وإيديولوجية يتطلب من المجتمع الدولي مواصلة الجهود لإزالة أسباب النزاعات ومخاطر الصراع والعمل الجاد والدءوب لنشر قيم ثقافة التفاهم والتعايش التي يزدهر في أجوائها الحوار والتحالف بين الحضارات وتنمية العلاقات السوية بين الأمم والشعوب.

لقد ربط سمو الأمير المفدى في كلمته في إشارة لا تخفى على أحد مسؤولية المجتمع الدولي وتقصيره فيما يحدث في سوريا وما يحدث في فلسطين من أعمال عنف وانتهاكات صارخة لحقوق شعبي البلدين والذي يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية.

لقد فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته بالوقوف إلى جانب الشعبين السوري والفلسطيني لنيل حقوقهما المشروعة. حيث وضع سمو الأمير مسؤولية حل آخر قضية استعمارية في التاريخ "قضية فلسطين" التي تتفاقم وتشكل مصدرًا دائمًا للتوتر في المنطقة، والموقف الداعم لعملية قتل شعب من قبل نظام فاقد للشرعية في سوريا على عاتق قوى رئيسية ودول مركزية في العالم في الوقت الذي تكتفي فيه دول أخرى بإدانة ما يجري لفظيًا.
 

Email