انتفاضة ثالثة في فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجحت معركة الأسرى مرّة أخرى في توحيد الشعب الفلسطيني الذي فرّقه الانقسام السياسي فاستعاد وحدته في جنازة الشهيد عرفات جرادات التي شارك فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قرية سعير قرب مدينة الخليل.

دم الشهيد عرفات الذي قُتل مع سبق الإصرار والترصّد وهو قيْد الاعتقال في سجن الاحتلال الإسرائيلي مجدو أرسل رسالة واضحة لا لبس فيها أن الاحتقان أوشك على الانفجار وأن الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال في الضفة الغربيّة وتحت الاحتلال والحصار في قطاع غزة ما زال قادرًا على مفاجأة الجميع والارتقاء فوق الخلافات السياسيّة والحزبيّة والانحياز للوطن الفلسطيني الذي يجمع ولا يُفرّق.

دعوات الاحتلال الإسرائيلي للقيادة الفلسطينيّة للتهدئة وعدم التصعيد ردًّا على جريمة اغتيال الأسير الفلسطيني عرفات تُنبئ عن خشية حكومة الاحتلال من اندلاع انتفاضة ثالثة تُعيد الاعتبار للقضيّة الفلسطينيّة وتُذكّر العالم أن الشعب الفلسطيني لا يزال يخضع لاحتلال عنصري استيطاني يُعتبر القتل في سجونه ومعتقلاته أبسط ما يقوم به.

ما يجب أن تُدركه حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تضرب بعرض الحائط بجميع القوانين والمواثيق الدوليّة التي تعترف بالأراضي الفلسطينيّة وتعترف بالشعب الفلسطيني كشعب واقع تحت الاحتلال أن الانتفاضة الفلسطينيّة قادمة لا محالة وأنها لا تحتاج لقرار أو توجيه من أحد وأن عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني الذين خرجوا في جنازة الشهيد عرفات جرادات قادرون على تغيير قواعد اللعبة وإنهاء الوهم بالأمن التي تعتقد حكومة الاحتلال أنها حققته خلال السنوات القليلة الماضية لمستوطنيها ولمستعمراتها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة.

إجراء تحقيق دولي - كما طالبت بذلك الأمم المتحدة- في جريمة اغتيال الشهيد الفلسطيني جرادات هي أقلّ ما يُمكن أن يقوم به المجتمع الدولي للردّ على هذه الجريمة التي يجب ألاّ تمرّ دون محاسبة مرتكبيها وتجريمهم أمام القضاء الدولي وبالتأكيد لن يسمح الشعب الفلسطيني بالقفز عليها خاصّة أن الشارع هناك دخل مرحلة حراك عملي تضامنًا مع المعتقلين الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة حيث تشهد الأراضي الفلسطينيّة المحتلة إضرابات ومواجهات في عدّة مدن في الضفة الغربية المحتلة منذ أسابيع ارتفعت وتيرتها بعد اغتيال الأسير جرادات في سجن مجدو الإسرائيلي نتيجة تعذيب.

إن فشل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سيزور المنطقة الشهر المقبل في إجبار حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الوفاء بالتزاماتها بوقف الاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينيّة المحتلة وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيّين من سجونها والكفّ عن إعادة اعتقال الأسرى المحرّرين يعني ببساطة أن خيار الانتفاضة الشعبيّة الفلسطينيّة الثالثة سيكون على الأبواب.
 

Email