الشفافية والوضوح أقصر الطرق للحلول

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من المبالغة في شيء القول انه في ظل الطفرة الهائلة في وسائل الاتصال وتقنيات المعلومات، فان مرحلة التعتيم، الاعلامي والمعلوماتي، التي سادت في الكثير من الدول في المنطقة وخارجها لسنوات طويلة، قد انتهت الى غير رجعة، وان تدفق سيل المعلومات، ونقلها السريع الى كل العالم، لحظة حدوثها، يتكفل بالكشف عن الكثير مما يجري، وهو ما ادى، ويؤدي الى حدوث تغييرات، لم تنته بعد في الكثير من المفاهيم التي استقرت لعقود طويلة من قبل، سواء في علاقة الدولة بمواطنيها، او في علاقات الدول مع بعضها البعض، وكذلك في علاقة الدولة بالمجتمع الدولي، حيث تزداد قوة المنظمات الدولية، وقدرتها على التدخل في الكثير من الأحداث والتطورات التي كان محظور التدخل فيها باعتبارها شأنا من الشؤون الداخلية للدولة.

وفي هذا الاطار المعقد والمتشابك، والقابل للاختراق، بوسائل عديدة ومتنوعة ايضا، فانه بات من المهم والضروري، ليس فقط على الصعيد الاعلامي، ولكن ايضا على صعيد التعامل مع مختلف القضايا والتطورات، داخلية وخارجية، ان تحرص الدول ووحدات القانون الدولي المختلفة ايضا، على اعتماد مبدأ الشفافية والوضوح في التعامل، وطرح المواقف والرؤى ووجهات النظر، والقرارات، وهو ما يؤدي ليس فقط الى تأكيد وتعميق المصداقية، ومن ثم التعامل بثقة ومسؤولية والتزام، ولكنه يسهم كذلك في اغلاق الطريق امام امكانية انتشار الشائعات، او التصورات والافتراضات غير الصحيحة او الموجهة في اتجاهات محددة قد تضر بالدولة والمجتمع بشكل او بآخر .

ومن المؤكد ان هناك العديد من الأمثلة التي اثبتت اهمية وتأثير الشفافية بشكل ايجابي في التعامل مع الكثير من التطورات في المجالات المختلفة، بما في ذلك بعض الحوادث والقرارات في هذا المجال او ذاك.

واذا كانت الشفافية والصراحة والوضوح تقطع الطريق على الشائعات، فان هناك اعتبارين اساسيين من الطبيعي ان تتم مراعاتهما.

الاعتبار الاول هو ان الشفافية والوضوح لا تعني كشف اسرار مهمة، او ذات علاقة بأمن الدولة والمجتمع، خاصة وانها لا تكون مهمة للمواطن في العادة. اما الاعتبار الثاني فانه يتمثل في الحاجة الى تجنب المبالغة او التضخيم تحت ستار الشفافية. ويعني ذلك ان الشفافية والوضوح تقتضي التعامل الواقعي مع الاحداث والوقائع، وفي اطار القانون، بعيدا عن الاجتهادات الشخصية، او الوقوع في وهم او محظور المبالغة الذاتية، الواعية او غير الواعية، لأى سبب من الاسباب، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية او حدث او مسألة تمس قطاعا واسعا من المواطنين بشكل او بآخر.

وهنا تحديدا تزداد اهمية عمل المؤسسات وقيامها بدورها وواجباتها في التعامل بشفافية مع ما يدخل في اطار اختصاصاتها من مهام ومسؤوليات، حتى لا نجد انفسنا ننساق احيانا كأفراد، لأي سبب من الاسباب، الى احكام او تصورات لا تستند الى اي اساس حقيقي او واقعي

Email