مالي.. السلام مازال بعيدا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أكثر من شهر على بدء التدخل العسكري الفرنسي في مالي واستعادة المدن الكبرى في الشمال من المقاتلين الإسلاميين، لا يبدو أن السلام سيحل قريبا في مالي خاصة مع تقارير الأمم المتحدة التي تحدثت عن انتهاكات مروعة في مجال حقوق الإنسان وقعت في شمال البلاد فضلا عن تقارير إخبارية تحدثت عن معارك عنيفة بين الجيش التشادي والجهاديين أسفرت عن مقتل 13 جنديا تشاديا و56 من المقاتلين الإسلاميين وهي الحصيلة الأثقل منذ بدء العملية العسكرية التي تقودها فرنسا وتشارك فيها القوات التشادية.

إن توصيف رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع في مالي بأنه "ليس مستقرا على الإطلاق" واعتبار المديرة العامة لليونسكو "أن العمل العسكري المستمر في مالي ضد المجموعات الجهادية لن يكون فاعلا على المدى البعيد دون حوار" يلخصان المشهد في مالي عقب التدخل العسكري الفرنسي في هذه البلاد.

ما يبعث على القلق أيضا تقرير الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة الذي يتحدث هو الآخر عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وتجنيد للأطفال وأعمال عنف جنسية متزايدة في مدن الشمال. وهو ما يطرح مشاكل اجتماعية خطيرة تضاف إلى مشكلة فرار عشرات الآلاف من المواطنين من مدن الشمال قبل وبعد تدخل القوات الفرنسية. إضافة إلى معاناة أكثر من نصف مليون شخص من المجاعة هناك حسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي الذي يتوقع أن ترتفع أعدادهم إلى نحو مليون ومائتي ألف مواطن مالي يعانون من انعدام الأمن الغذائي مع نهاية الشهر الجاري.

إن السهولة الكبيرة التي سيطرت فيها القوات الفرنسية على المدن الكبرى في شمال مالي تشير بوضوح إلى أن الجماعات الجهادية لجأت إلى إستراتيجية عدم مواجهة القوات الفرنسية والقوات الإفريقية بشكل مباشر وفضلت التعامل معها من خلال اللجوء للعمليات الانتحارية وحرب العصابات بهدف إنهاكها ورفع فاتورة تدخلها العسكري في مالي. وهو الأمر الذي سيدفع ثمنه الأكبر المواطنون المدنيون الذين ظلوا في مدنهم وبلداتهم.

من الواضح أن الحل العسكري وحده لا ينهي الأزمة في مالي وأن الاستمرار فيه سيحول مالي إلى صومال أخرى ومن المهم سرعة البحث عن الوسائل الملائمة لحل المشكلة في هذا البلد من أجل إنقاذه لتكون دولة قوية وتصبح جميع الأطراف على وئام.

إن المسؤولية الكبرى تقع الآن على حكومة مالي وعلى الاتحاد الإفريقي ودول الجوار والأمم المتحدة للقيام بدور مباشر للمساعدة في حل هذه الأزمة، من خلال الحوار الذي يجب أن تقوده حكومة مالي، فالحل الأمني والعسكري سيفاقم من المشكلة وهو ما بدأ يحدث بالفعل الآن في مالي.
 

Email