محادثات كازاخستان وضرورة النجاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

على امتداد السنوات الأخيرة جرت العديد من جولات المحادثات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية، وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبينها وبين الدول الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وألمانيا) ايضا، وذلك من اجل محاولة التوصل الى اعلى درجات الشفافية الممكنة حول برنامج ايران النووي، والاطمئنان من جانب المجتمع الدولي بشأن ان الانشطة التي تتم في اطاره هي للاغراض المدنية.

صحيح ان طهران اكدت دوما ان برنامجها النووي هو للاغراض السلمية، وأنها لا تنوي امتلاك قنبلة نووية، ولكن الصحيح ان الشكوك الموجودة لدى الغرب ودوائر اخرى عديدة، لا تبددها التصريحات، ولكنها تحتاج الى ما هو اكثر من ذلك، وإلى تأكيدات من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يدخل في إطار مهامها متابعة الانشطة النووية للدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، وايران من الدول الموقعة عليها.

ومعروف ان المعاهدة تسمح للدول الموقعة عليها بالقيام بأنشطة نووية للاغراض السلمية، وتحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ايضا.

على أية حال فإنه من المؤكد ان الجولة القادمة من المحادثات بين ايران وبين مجموعة الدول الست الكبرى، التي ستعقد بعد غد في الماآتا عاصمة كازاخستان، هي من اهم الجولات التي تتم بين الجانبين، وذلك لاعتبارات عديدة من اهمها ان هذه الجولة سبقتها تأكيدات واضحة، ليس فقط بقيام الجمهورية الاسلامية الايرانية بتركيب جيل جديد، اكثر تطورا، من أجهزة الطرد المركزي في ناتانز، ولكن ايضا التأكيد من جانب الرئيس الايراني احمدي نجاد، قبل عدة ايام، ان ايران باتت دولة نووية.

يضاف الى ذلك ان هذه الجولة سبقتها اعلانات واضحة من جانب بعض الدول الست الكبرى انه سيتم تقديم مقترحات ايجابية في مفاوضات كازاخستان، وانها تأمل في تجاوب طهران معها. واذا وضعنا في الاعتبار ان هذه الجولة من المفاوضات ستكون الاخيرة على الارجح قبل زيارة الرئيس الامريكي اوباما لاسرائيل وبحث ما يتصل بالبرنامج النووي الايراني مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو، ومن ثم مدى التنسيق بين الجانبين بشأن التعامل المحتمل معه، فإن نجاح محادثات الماآتا يكون امرا على جانب كبير من الأهمية لكل الاطراف لأن جميع الاطراف ستضع ذلك في اعتبارها خلال الفترة القادمة.

جدير بالذكر ان العلاقات بين ايران وبين الدول الست الكبرى بوجه عام، وبينها وبين الولايات المتحدة بوجه خاص، يمكن ان تتجه الى نوع ما من الانفراج الملموس خلال الفترة القادمة، اذا استطاع الجانبان ابداء قدر من المرونة، والقدرة على تحقيق قدر اكبر من الثقة المتبادلة بينهما، وهو امر ضروري، ولا غنى عنه، خاصة وان الرئيس الامريكي اعلن بوضوح انه يفسح المجال واسعا امام الوسائل السلمية، واستنفاد كل السبل الممكنة في هذا المجال، والمؤكد ان طهران تحرص من جانبها ايضا على عدم اتاحة اية فرصة لا للدول الست، ولا لغيرها للتحرش بها على اى نحو.

ولعل محادثات الماآتا بعد غد تحقق المراد منها.

 

 

Email