ضوء أخضر أميركي لإبادة الشعب السوري

ت + ت - الحجم الطبيعي

عرقلة الولايات المتحدة صدور بيان من مجلس الأمن يدين التفجير الانتحاري الذي نفذه الإرهابيون في دمشق والذي راح ضحيته حوالي ثلاثمئة مواطن سوري، خطوة ليست مفاجئة، كما أنها ليست الأولى، ومن المؤكد أيضًا أنها لن تكون الأخيرة، فتاريخ القوة العظمى خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وحياة الشعوب وقضاياها العادلة وحرياتها حافل بالمواقف التي تشجع الإرهاب والعنف، وتقف موقف الند لكل من يدين حادثًا أو عدوانًا إرهابيًّا ضد مدنيين أبرياء خاصة في مجلس الأمن، ولا سيما إذا كان الدم المسال عربي أو إسلامي الهوية، وليس أدل على ذلك من دعمها كيانًا احتلاليًّا إرهابيًّا، ألا وهو كيان الاحتلال الصهيوني الذي يمارس إرهابه الغاشم وجرائم حربه والجرائم ضد الإنسانية صباح مساء، حيث تتعدد صور الدعم وتتنوع من المال إلى السلاح النوعي والمتطور، إلى الدعم السياسي والدبلوماسي ونسف أي قرار في مجلس الأمن الدولي يدين جرائم الإهاب وجرائم الحرب المتوالية التي يقوم بها قادة الحرب الصهاينة، ما شجع هؤلاء القتلة ومجرمي الحرب الصهاينة على مواصلة إرهابهم وجرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، وشجع حقدهم وكرههم الكبيرين لكل ما هو فلسطيني ولكل ما هو عربي وإسلامي، وشجعهم على التنمر ضد الحقوق الفلسطينية والعربية والتمرد على كل استحقاقات عملية السلام الراتبة عليهم. فإذا كانت الولايات المتحدة تدعم هذا الكيان الإرهابي الصهيوني منذ أكثر من أربع وستين سنة، والذي لا يقوم بإرهابه ضد الشعب الفلسطيني أو الشعب اللبناني أو السوري أو السوداني أو المصري...إلخ إلا بضوء أخضر أميركي، فإن الدعم سيكون ذاته لتنظيمات إرهابية تقود مخطط تدمير سوريا اليوم نيابة عن القوة العظمى وحلفائها، ولذلك بالتأكيد أن واشنطن ستعرقل أي بيان يدين عملاءها. ولو كانت في وارد عدم العرقلة لامتنعت عن إرسال خلايا تنظيم القاعدة إلى سوريا أساسًا، ولامتنعت عن مدها بالمال والسلاح. ومعروف تاريخيًّا أن تنظيم القاعدة الإرهابي هو صناعة أميركية, وبسبب السياسة الأميركية الداعمة له والتي تلتحف بلحاف المحارب لهذا التنظيم زورًا أخذ يتمدد ويقوى في البلدان العربية والإسلامية، وقدم خدمات كبيرة وعظيمة للسياسة الأميركية وللمشاريع الاستعمارية في المنطقة، وذلك من خلال ابتداعه الأهداف والأسباب التي تعطي للسياسة والآلة العسكرية للولايات المتحدة ولحليفاتها حرية التحرك والتدخل، على النحو الذي رأيناه في أفغانستان وفي العراق الذي لم يكن به لا تنظيم قاعدة ولا خلايا نائمة. واليوم ونظرًا للتكلفة العالية التي ستتكبدها الولايات المتحدة جراء حرب ثالثة تشنها ضد سوريا، عهدت لتنظيم القاعدة الإرهابي وأذرعه التي في مقدمها ما تسمى "جبهة النصرة" وما يسمى الجيش الحر وبقية التنظيمات المسلحة لتقوم، بالوكالة عنها في تدمير سوريا وتحت المصطلحات الزائفة والكاذبة ذاتها التي رفعتها حين تدخلت تدخلًا عسكريًّا مباشرًا ضد أفغانستان والعراق وهي "الحرية والديمقراطية، وحماية المدنيين". والملاحظ هنا أن الهدف من التدخل في كل من العراق وفي سوريا، هو تدمير القوة البشرية والعسكرية والاقتصادية الناشئة والسيطرة على الثروات في البلدين، بحيث يستفيد من الهدف كل من كيان الاحتلال الصهيوني وحليفه المتدخل، سواء كان الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا.
إن من يجند الإرهابيين ويمدهم بالمال والسلاح وبالمعلومات الاستخباراتية ويدعمهم بالسياسة والدبلوماسية، لا يتوقع منه أن يدينهم وخاصة في بيان من مجلس الأمن قد تترتب عليه خطوات لاحقة، بل إن عرقلة البيان هي إشارة مرور خضراء مفتوحة باستمرار لمواصلة إبادة الشعب السوري، وعلى هذا الأساس يجب أن يتعامل الشعب السوري وحكومته وكل الأحرار في العالم الرافضين للإرهاب وداعميه.
 

Email