أين الإعلام العربي من أزمة الأسرى الفلسطينيين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

 وسط الاهتمام العربي والإقليمي والعالمي بتداعيات "الربيع العربي" في سورية ومصر وتونس وباقي الدول العربية، فإن ما يحدث على الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادرة أراض وتوسيع مستعمرات وتهويد للمقدسات وانتهاكات يومية لحقوق الفلسطينيين تختفي من الشاشات والصحف العربية. مما يشجع الحكومة الإسرائيلية القادمة على الاستمرار في هذا النهج اللامبالي بالشارع العربي المنشغل بأزماته، ولا بالرأي العام العالمي المغيب عن حقيقة ما يجري على الأرض.


وخير مثال على غياب أو تغييب القضية الفلسطينية ما يجري الآن بخصوص الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. فقد رفض 500 أسير فلسطيني تناول الطعام يوم الثلاثاء الماضي تضامنا مع أربعة أسرى آخرين مضربين عن الطعام منذ فترات طويلة متفاوتة، ثلاثة منهم في عيادة السجن. لكن السلطة الفلسطينية وبعض المنظمات الإنسانية عبروا عن قلقهم على صحة الأسرى المتدهورة، والذين يحتجون على ظروف اعتقالهم. أحد هؤلاء الأسرى، سامر عيساوي، أضرب عن الطعام منذ 200 يوم ويعيش على الماء ومكملات صحية مثل الفيتامينات والمعادن. اثنان آخران اعتقلا في نوفمبر يقال إنهما يرفضان الرعاية الصحية وتناول المكملات.


هناك حوالي 4500 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، أكثر من نصفهم متهم بالتخطيط أو القيام بعمليات ضد إسرائيليين. وقد تكررت حالات الإضراب عن الطعام بينهم، وقد أضرب مئات منهم للمطالبة بتحسين ظروفهم وإلغاء الاعتقال الإداري بدون تهمة رسمية أو محاكمة.


ولعل أكثر ما يثير الاشمئزاز في ممارسات إسرائيل في هذه القضية الحالية هو تعاملها مع ملف الأسيرين سامر عيساوي وأيمن الشراونة. هذان الأسيران سبق أن أطلقت إسرائيل سراحهما كجزء من الصفقة التي تم بموجبها إطلاق سراح جلعاد شاليط، لكن السلطات الإسرائيلية عادت واعتقلتهما فيما بعد بذريعة أنهما انتهكا شروط إطلاق سراحهما. ومع أن نقض العهود ليس شيئا جديدا على إسرائيل، إلا أن مثل هذه الممارسات يجب أن تؤخذ في الحسبان في أي مفاوضات وصفقات مستقبلية.


لا شك أن ما يجري على الساحة العربية من أحداث جسام تستحق تغطية واهتماما كبيرين من الإعلام العربي، لكن ذلك يجب ألا يكون بأي حال على حساب القضية الفلسطينية، فأي إهمال في هذا الجانب يعطي المسؤولين الإسرائيليين مساحة واسعة ليفعلوا ما يشاؤون دون أن يخشوا فضحهم حتى في الإعلام العربي. بل إن هذا الإهمال الإعلامي العربي أثر حتى على الرأي العام الإسرائيلي الذي لم يعد يرى أن حل الصراع مع الفلسطينيين يأتي ضمن أولوياته.
 

Email