على طريق الحد من الكوارث الطبيعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتزايد آثار الأخطار والكوارث الطبيعية المسجلة في مناطق العالم المختلفة، والتي تخلف دمارًا هائلًا في السكان والممتلكات، ولم تسجل هذه الكوارث الطبيعية ارتفاعًا في مرات حدوثها إلا في الفترة التي أعقبت الطفرة الصناعية باختراع الإنسان الآلة، وحيازة قصب السبق في التقدم التكنولوجي في جميع المجالات، حيث تكاملت هذه العوامل مع مجموعة أخرى لتشكل أسبابًا أدت إلى ما يشهده الكوكب الآن من تغيرات مناخية أو ما يعرف بالاحتباس الحراري ومن ارتفاع كبير في درجات الحرارة، بالإضافة إلى زياد عدد السكان وتطور المجتمعات البشرية والصناعات والعمران، ما ساهم في حدوث الظواهر الطبيعية التي يرجع المختصون العلميون سبب حدوثها إلى اختلال توزيع درجات الحرارة على سطح الأرض إما بارتفاع الحرارة درجات عالية أو انخفاضها درجات كبيرة يختل نظام توزيع الرياح على الأرض، وإذا اختل توزيع نظام الرياح على الأرض تبدأ تكون العواصف والأعاصير والزوابع العاصفة. كل ذلك ألقى بأعبائه وأحماله على حكومات العالم الأمر الذي دفعها إلى أهمية تنشيط ميدان التفكير الإنساني ودفعه نحو التحرك والتطور بحثًا عن مصادر الحماية الكفيلة بالمحافظة على العنصر البشري والاقتصادي.

وانطلاقًا من هذا الهاجس بدأت الحكومات تأخذ بكل ما هو جديد في مجال مكافحة الكوارث وحماية الأرواح والممتلكات، وبالتنسيق مع دول الإقليم الواحد أو مع دول العالم مجتمعة، عبر القيام ببعض الأعمال منها تحليل الأخطار ودراستها واحتمال حدوثها، وإعداد خطط المواجهة للكوارث ثم الاستعداد والتهيؤ من خلال تجهيز كافة الإمكانات المادية والبشرية والفنية، والاستفادة من العمليات التي تقوم بها المتمثلة في الإخلاء والإيواء وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الكارثة، إلى جانب برامج التوعية وإرشادات السلامة وكيفية التعامل مع الكوارث لحظة حدوثها والعمل على تفاديها، وبالتالي تقليل الخسائر البشرية والمادية. ولعل كارثة سونامي عام 2004م والتي بلغت قوتها (9.1) درجه بمقياس ريختر، ولقي فيها ما لا يقل عن (300) ألف شخص بفعل الأمواج المحيطية العارمة التي دمرت شواطئ إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلند، كانت هذه الكارثة الدافع الأكبر باتجاه إقامة أنظمة الإنذار المبكر.

وتعد السلطنة واحدة من بين الدول التي أخذت على عاتقها إقامة منظومة متكاملة من أنظمة الإنذار المبكر، لا سيما وأنها شهدت ظاهرتين طبيعيتين هما الأنواء المناخية في يونيو 2007م، وإعصار "فيت" الذي وقع في يونيو 2010م، وقد أبرمت السلطنة اتفاقية في هذا الجانب مع منظمة اليونسكو ـ كما أوضح ذلك الدكتور جمعة بن سعيد المسكري مساعد مدير عام الأرصاد والملاحة الجوية لشؤون الأرصاد الجوية بالهيئة العامة للطيران ـ تتضمن إنشاء عدد من المشاريع كمرحلة أولى من خلال تعيين الموظفين وتدريبهم، كما سيتم تشغيل المركز بكوادر وطنية متخصصة يتم تعيينها وفق الاحتياجات الفعلية للمشروع وبعد التعيين سيتم إلحاق تلك الكوادر ببرامج تدريبية خارجية بمراكز الإنذار المبكر الإقليمية وفق الخطة التي وضعها مدير المشروع حسب الاتفاقية المبرمة مع اليونسكو، مشيرًا إلى أنه تم تعيين 12 موظفًا حتى الآن في مختلف التخصصات للمشروع، وأن من ضمن مراحل المشروع دراسة تقييم المخاطر التي قد تتعرض لها المناطق الساحلية التي ستغمرها المياه لا سيما نتيجة موجة السونامي.

وأنه تم طرح مناقصة لهذا المشروع تتضمن توريد وتركيب وتشغيل 7 محطات لمراقبة مستوى سطح البحر. وقد تم إسناد أعمال هذه المناقصة في مايو2012م ولقد تم بالفعل تركيب هذه المحطات لمراقبة قياس مستوى سطح البحر ويجري حاليًّا الربط لإرسال بيانات هذه المحطات إلى المديرية العامة للأرصاد الجوية، حيث يتم إرسال البيانات من المحطات كل خمس دقائق وسوف يكون إجمالي محطات قياس منسوب سطح البحر 10 محطات، يترافق مع ذلك إقامة نظام الاتصال الخاص بتعميم الإنذارات وتبادل البيانات آنيًّا على النطاق الدولي، وعلى المستوى المحلي ضمان سرعة تبادل ووصول البيانات والإنذارات إلى الجهات المعنية لاتخاذ القرارات والتدابير اللازمة للحد من مخاطر السونامي والمخاطر الأخرى، ووضع المواد والمطبوعات التثقيفية والتوعوية لتعليم أفراد المجتمع المحلي وتثقيفهم عن مخاطر الكوارث الطبيعية والآثار الناجمة عنها والتي تهدد حياتهم وأرواحهم وكيفية التصرف في حال تعرضت البلاد لأي كارثة طبيعية لا سيما وأن المواطن يدخل ضمن منظومة عمل مركز الإنذار المبكر.

 

Email