تحقيق دولي بجرائم الحرب في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تؤكد دعوة لجنة التحقيق المستقلة لدى الأمم المتحدة لتدخل المحكمة الجنائية الدولية لإطلاق تحقيق حول جرائم الحرب التي تقع في سوريا حجم الكارثة الكبيرة التي حاقت بسوريا ودوامة العنف التي دخلت فيها بسبب إصرار النظام السوري على رفض المطالب الشعبية بالحرية والتغيير واعتماده الحل العسكري في مواجهة الثورة.

لقد آن الأوان بعد نحو عامين من العنف والقتل وسفك الدماء أن تتخذ المجموعة الدولية ومجلس الأمن الدولي قرارا بإحالة هذا الملف إلى القضاء الدولي والمحكمة الجنائية الدولية للحيلولة دون تواصل سفك دماء أبناء الشعب السوري ودون استمرار تدمير البلاد.

الفشل الدولي في توفير الحماية للشعب السوري الذي يتعرض للقتل يوميا ويتعرض للقصف بالطائرات والأسلحة الثقيلة وحتى بالصواريخ أرسل رسالة خطأ للنظام السوري من أنه يمكن أن ينجو من العقاب وأن هناك فسحة من الوقت لإخماد الثورة السورية بواسطة السلاح، وهو ما فاقم من الأوضاع الإنسانية وتسبب بكارثة مريعة لحقت بملايين السوريين سواء من ظلوا في بلادهم أو لجَؤوا إلى دول الجوار.

إن تأكيد اللجنة الدولية أنها تمتلك معلومات عن هويات المنفذين الرفيعي المستوى لهذه الجرائم وعن هوية الذين يرتكبونها تشكل تحذيرا شديدا لهم للتوقف عن مجازرهم لأن العدالة الدولية ستلاحقهم في وقت ما وسيدفعون ثمن ما ارتكبت أيديهم من جرائم بحق الشعب السوري.

إن آثار النزاع والعنف الذي يجري في سوريا بسبب فشل المجتمع الدولي في الارتقاء لمسؤولياته الأخلاقية وانحياز أطراف فيه لمصالحهم على حساب المبادئ والقيم يمكن أن تمتد لأجيال وتقوض الأمن في كل منطقة الشرق الأوسط.

لقد كشف التقرير الذي استند إلى شهادات نحو 450 من الضحايا اللاجئين أن وضع حقوق الإنسان في سوريا واصل التدهور وأن النزاع أصبح طائفيا بشكل متزايد مع مسار أكثر تطرفا وذي طابع عسكري أكثر للعمليات وأنه يجري ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال قتل وتعذيب واغتصاب و اختفاء قسري لعدد من الأشخاص وأعمال أخرى غير إنسانية.

إن إطلاق تحقيق دولي حول جرائم الحرب التي تقع في سوريا سيرسل رسالة واضحة إلى النظام السوري أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام المأساة التي تجري فصولها يوميا ويذهب ضحيتها النساء والأطفال والشيوخ والتي لم تترك آثارها فقط على السكان المدنيين وإنما تقضي أيضا على كل الهيكلية الاجتماعية المعقدة للبلاد، وتعرض الأجيال المستقبلية للخطر وتهدد السلام والأمن في كل المنطقة.

فاتفاق المجتمع الدولي على إطلاق الآلية القضائية الدولية بعد تسلمه تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي تحتوي على لائحة سرية بأسماء المسؤولين عن الفظاعات التي ارتكبت في سوريا هو الأسلوب الصحيح للضغط من أجل إيقاف أعمال العنف والقتل وجرائم الحرب وبالتالي تصدي مجلس الأمن الدولي لمهمته الأساس بوقف ومنع كل ما يمس الأمن والسلم والعدالة في العالم.
 

Email