الأزمة الإنسانية في سورية: إلى متى؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن إيقاف شلال الدم المتدفق في سورية يبقى الهدف الأسمى الذي يعمل عليه السوريون والهيئات العربية والإقليمية والدولية، خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا لتتجاوز 70.000 بحسب التقديرات الرسمية للأمم المتحدة. لكن هناك جانبا آخر لا يقل أهمية، وهو إيجاد حل يضمن تخفيف الأزمة الإنسانية التي يمر بها السوريون داخل سورية وفي مخيمات اللجوء وخارجها. فقد بينت تقارير الأمم المتحدة أن جهود المساعدات الإنسانية الدولية لا تتماشى مع حجم المأساة التي يعيشها السوريون. وبحسب أرقام الأمم المتحدة أيضا فإن أكثر من 700.000 لاجئ سوري مسجلون رسميا في دول الجوار، وأعدادهم في تزايد مستمر، كما أن هناك أكثر من 2 مليون نازح داخل سورية اضطروا لترك منازلهم، وهناك أيضا 2 مليون سوري بحاجة للمساعدات بسبب فقدان موارد رزقهم نتيجة الأزمة المستمرة منذ حوالي سنتين.


وعلى الرغم من أن الدول المانحة رصدت 1.5 مليار دولار كمساعدات إنسانية لسورية، إلا أن هناك إجماعا دوليا على أن المناطق السورية المختلفة لا يصلها حتى الحد الأدنى من الاحتياجات الرئيسية. أسباب هذا التقصير كثيرة، فرغم نشاط بعض المنظمات الإنسانية في إدخال المساعدات عبر الحدود التركية السورية التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة، إلا أن الحكومة السورية تشترط الإشراف على توزيع المساعدات في مناطقها.

كما أن هناك أدلة متزايدة على وجود فساد كبير يشوب آليات توزيع المساعدات الإنسانية حتى في مخيمات اللاجئين السوريين في دول الجوار، مما يجعل اللاجئين يقعون ضحية ليس فقط للنظام الذي هربوا من قصف طائراته والاشتباكات التي وجدوا أنفسهم وسطها، ولا للشتاء القارس الذي لم يجدوا ما يرد برده وأمطاره ورياحه سوى خيمة من نوعية رديئة في بعض الأحيان، ولا للغربة والمرض والفقر والحاجة والذل أحيانا؛ بل إن مساعدات أهل الخير لهم على المستويين الرسمي والشعبي تتعرض أحيانا للسرقة بسبب بعض النفوس المريضة، فلا يصلهم منها إلا الفتات.


على المجتمع الدولي أن يضغط على جميع الجهات في سورية من أجل وضع حد للمعاناة الإنسانية للسوريين، والتي يبدو أنها تتفاقم يوما بعد يوم، إلى أن يحرك الله ضمائر أطراف الأزمة فيجدوا حلا نهائيا يوقف الصراع بشكل يرضي الشعب وتطلعاته في الحرية والأمن والاستقرار.
 

Email