هل من مغيث..؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي


في وقت تضج الساحة السياسية بالأحاديث عن الزيارات الأميركية القادمة إلى المنطقة، وما إذا كانت ستحرك المياه الراكدة في مسار عملية السلام أم لا، يزداد تفاقمًا الوضع الإنساني والمعيشي للشعب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، جراء الهجمة الصهيونية المسعورة القائمة على تجويع الشعب الفلسطيني ومحاصرته، وإهدار أبسط حقوق الانسان للأسرى في سجون الاحتلال، والاستيلاء على أمواله المتحصلة من الضرائب، وسرقة أراضيه.


وتتسع رقعة هذا السياق المأساوي الناتج عن سياسة صهيونية كارهة للإنسانية، ليصخب أذن العالم نفير الاستغاثة الذي أطلقته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونرا) لجمع 300 مليون دولار كمساعدات إلى قطاع غزة والضفة الغربية، وينكشف جزء آخر من الصورة بالإضراب الذي نفذه360 أسيرًا فلسطينيًّا في ثلاثة أقسام بسجن "ريمون" الصهيوني أمس إلى جانب قيادات "الجهاد الإسلامي"، في مختلف سجون الاحتلال.


وسط هذا الواقع بديهي أن نتساءل عن القيمة المضافة التي ستشكلها زيارة كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما في مارس المقبل، وزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى فلسطين المحتلة أو إلى المنطقة عامة، ما دام الوضع الفلسطيني ينزلق من سيء إلى أسوأ، ولا توجد بوادر في الأفق تشير إلى إمكان حصول انفراجة على صعيد ملف الصراع العربي ـ الصهيوني؟


ومثلما كشفت الانتخابات الصهيونية الأخيرة بفجاجة عن رفض جميع أطياف المحتلين الصهاينة التنازل عن حق من حقوق الشعب الفلسطيني، والالتزام باستحقاقات عملية السلام، فإن ما يضاعف حجم القلق هو استمرار غياب الاستقرار السياسي والأمني في المشهد العربي الجامع، وتضاؤل فرص حدوث تطورات حقيقية على صعيد عملية السلام ومسار التفاوض، بدليل أن السلطة الفلسطينية بح صوتها وهي تطالب الأشقاء العرب بالوفاء بما أقروه من التزامات مالية داعمة للتغلب على الأوضاع المعيشية والاقتصادية بسبب القرصنة الصهيونية على أموال السلطة التي أصبحت في وضع لا تحسد عليه لعدم قدرتها على سداد رواتب موظفيها، فغدا الدعم المالي مساويًا للدعم السياسي والدبلوماسي.

ما أعطى المحتلين الصهاينة فرصًا للمناورة والقفز على استحقاقات السلام بتقديم ملفات أخرى كالملف النووي الإيراني، يتزامن ذلك مع عملية التشويش والخلط هذه هجمة استيطانية غير مسبوقة في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، حيث تمضي آلة الاستيطان في تغيير معالم المدينة وفي قلب البلدة القديمة، وتهويدها سعيًا نحو الحلم التلمودي بـ"يهودية الكيان الصهيوني"، فلم تسلم المنازل التاريخية من العبث الذي يدل على الحقد الدفين ضد التراث الإنساني العربي والإسلامي، بغية تكريس واقع الاحتلال، وتصعيد حملة هدم المنازل الفلسطينية وتشريد الناس الآمنين العزل من بيوتهم، وارتفاع وتيرة الاعتداءات المتواصلة من قبل قطعان المستوطنين على الشعب الفلسطيني.


إن النداء العاجل "للأونروا" لتوفير مساعدات ضرورية للشعب الفلسطيني، يبعث رسالة إنسانية ملؤها الحق والعدل إلى كل من لديه ذرة ضمير بأن الاحتلال الصهيوني لا يزال مستمرًّا في الإبادة والتشريد الممنهجين، ومصرًّا على منع صرف الأموال الفلسطينية. كما أن إضراب الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني يبعث هو الآخر رسالة إلى قوى المجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته وشرفاء وأحرار العالم لاستصراخ الضمائر لهذه القوى والمنظمات. لكن في تقديرنا ورغم هذه الرسائل المتكررة، هيهات هيهات لها أن تصحو وقد أماتها النفاق الذي تتعامل به مع الشعوب الحرة وقضاياها العادلة، حيث تصم آذانها وتعمي أعينها، فإذا كان الشقيق وهو الأقرب لا يستجيب، فهل ننتظر من الآخرين الاستجابة؟!!
 

Email