الدعوة للحوار في سوريا تكشف مواقف عديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدى اثنين وعشرين شهرا تقريبا واجهت وتواجه سوريا الشقيقة وضعا مأساويا، ليس فقط على مستوى الدولة، ولكن ايضا على مستوى الشعب والمجتمع، ودفع وما زال يدفع القطر السوري ثمنا فادحا من ارواح ابنائه ومن حاضرهم ومستقبلهم ايضا. ومهما يقال حول معاناة الشعب السوري، بعد ان تحولت الساحة السورية الى ساحة حرب حقيقية، تستخدم فيها كل انواع الاسلحة من الجانبين، الحكومي والمعارضين، فان ذلك لن يعبر سوى عن جزء فقط من تلك المعاناة التي يعيشها هذا الجيل من السوريين، والتي تؤثر بالضرورة على الأجيال القادمة التي تعيش الآن مقتبل عمرها، وتتعرض لمعاناة الحرب واللجوء والتهجير وعدم الشعور بالأمان، سواء في الوطن او في خارجه .

ومع اشتداد المعاناة وتواصل واتساع صورها، واليقين المتزايد من جانب العديد من الاطراف، في سوريا وخارجها، بأنه من الصعب الى حد كبير حسم المسألة عسكريا، من جانب الحكومة او المعارضة، وهو ما أشار اليه نائب الرئيس السوري فاروق قيل اسابيع عديدة، ومع ادراك الظروف والملابسات الاقليمية والدولية التي حولت وتحول سوريا الى ساحة للصراع وتقاطع المصالح بين اطراف عديدة بشكل او بآخر، فانه من المؤكد ان دعوة احمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض للحوار مع السلطات السورية هي دعوة شجاعة إلى حد كبير، خاصة في ظل الظروف والتداخلات التي تتعرض لها سوريا الآن.

ومع الوضع في الاعتبار ما أشار اليه معاذ الخطيب، وأكده مرات عدة خلال الأيام الماضية، حول شروط الحوار وما يمكن ان يقود اليه، فانه ليس مصادفة ابدا ان تواجه دعوة الحوار هذه انتقادات واعتراضات من جانب فصائل سورية معارضة أخرى، ولأسباب مختلفة من أبرزها ان هناك بعض الاطراف السورية وغير السورية لا تريد لنزيف الدم السوري ان يتوقف، ولا لمسلسل التدمير الذي يجري ان ينتهي . وخلال الايام الماضية تحددت بدرجة كبيرة مواقف أطراف سورية عديدة معارضة، من داخل سوريا وخارجها .

على ان الأمر الذي ينبغي التوقف أمامه هو ان الحكومة السورية اعلنت بوضوح قبولها للحوار مع المعارضة السورية، ومع انها اكدت على رفض الحوار تحت شروط مسبقة، فانها ابدت استعدادا للحوار مع كل من يلقي السلاح وتقديم ضمانات لكل من يريد الاشتراك في الحوار الذي تمسكت بأن يكون في دمشق، رغبة وحرصا على ان يكون الحوار بين الاطراف السورية وفي الاطار والحيز الوطني السوري، وبعيدا – كما تقول عن تدخلات الأطراف الاخرى – ومع وجود درجة ملموسة من القبول الدولي بالحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، حتى وان كان بدرجات متفاوتة، الا ان ذلك في حد ذاته يمكن ان يسهم في تهيئة المناخ لتحقيق درجة اعلى من القدرة على ارساء ارضية مشتركة ينطلق عليها ومنها الحوار بين الاطراف السورية، وهو امر تزداد الحاجة اليه بشكل واضح، كما تملك هذه الأطراف قدرة كبيرة على التأثير.


 

Email