تونس.. انشقاق أم احتواء غضب؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تظهر المؤشرات الأولية على أن تحدي رئيس الحكومة التونسية وأمين عام حزب النهضة حمادي الجبالي باستبعاد الإسلاميين من الوزارات السيادية في الحكومة الجديدة، التي يصر على تشكيلها من التكنوقراط؛ بأنه "انقلاب أبيض" على راشد الغنوشي وحزب النهضة. الجبالي أصر على الاستقالة في حال رفض مقترحه، رافعا راية التحدي أمام الإسلاميين الذين يسيطرون على الحكم منذ أكثر من عام، وأمام زحف الآلاف من أنصارهم إلى شوارع العاصمة أول من أمس تأييدا للحكومة و"الشرعية الدستورية"، كما أكدوا في شعاراتهم.

لكن العالمين ببواطن الأمور في الشأن الإسلامي التونسي اعتبروا هذا التحدي نوعا من "الذكاء السياسي" لحزب النهضة، وأن تصريحات الجبالي التفاف وتحايل على الغضب التونسي الذي عم كافة المدن بعد اغتيال المعارض البارز للإسلاميين شكري بلعيد. ويستند هؤلاء على عدد من المبررات والمؤشرات التي تؤكد ما ذهبوا إليه، أبرزها إعلان راشد الغنوشي أمس استبعاد حدوث انقسام في الحركة بعد قرار الجبالي، وأن "النهضة صارمة في موضوع وحدتها ولا أرى أن وحدة النهضة مهددة".

بعض المراقبين يشير إلى أن جعبة الإسلاميين مليئة بالأعاجيب، وأن الخلافات التي تظهر على السطح ما هي إلا فقاقيع هواء سرعان ما تتلاشى مع الأيام، بعد أن تزول أسباب ظهورها.

فبعد التداعيات الخطيرة على اغتيال بلعيد وما صاحبها من تنديد دولي بهذه العملية، رأت حركة النهضة أن تسعى إلى احتواء الغضب الداخلي والتنديد الخارجي، بقضية تشغل الرأي العام المحلي والدولي، بافتعال أزمة تلتهم الصخب والغضب المدوي الذي صاحب عملية اغتيال بلعيد.

الأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور، وستظهر أن ألاعيب السياسة أكثر من صدقها، وأن صمود المعارضة كفيل بتحقيق أهدافها بغض النظر ما يدور في كواليس الحكم.

تونس شرارة الربيع العربي، فهل تكون نبراسا للشعوب في تحقيق الديموقراطية، أم ستكون مؤشرا على أن التمسك بالسلطة أقوى من أي شعارات أو حقوق رفعتها الشعوب لتحقيق حياة أكثر رغدا وديموقراطية.
 

Email