شعبنا متشائل بالمصالحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلنا دائما وقال شعبنا الفلسطيني ان المصالحة قضية وطنية مصيرية وفي غاية الاهمية لا لتوحيد الموقف والصف الفلسطيني فقط ولكن وبالدرجة الاولى لمواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بارضنا وشعبنا ومستقبلنا والدولة التي نسعى لاقامتها حرة مستقلة في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس.

وبالامس انتهت الاجتماعات الموسعة بالقاهرة التي ضمت كل القوى والفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة دون التوصل الى اتفاقات محددة وواضحة حول المواضيع الكثيرة مثار البحث، كانتخابات الرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني وتفعيل منظمة التحرير وتوحيد الاجهزة الامنية وتشكيل حكومة التوافق الوطني من الكفاءات، بالاضافة الى قضايا وتفصيلات اخرى عديدة.

ولقد سمعنا من يقول ان المصالحة لم تقترب ومن يقول لقد تم الاتفاق على مبادىء كثيرة وان الحكومة سيتم تشكيلها خلال ستة اسابيع، كما سمعنا تبادلا للاتهام بتعطيل المصالحة من هذا الطرف او ذلك. وسمعنا من يقول ان الانتخابات للرئاسة والتشريعي والوطني ستجري بالتزامن دون تحديد زمن لذلك وربط الامر باجراءات اخرى من المنتظر حدوثها.

وقد نقلت مصادر غير رسمية ان الولايات المتحدة دخلت على خط الاجتماعات واعربت عن معارضتها للمصالحة في هذه المرحلة مع وعود بتحريك عملية السلام خلال زيارة وزير الخارجية جون كيري الى المنطقة بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة وقد ادعت هذه المصادر ان الرئيس ابو مازن غادر الاجتماعات مبكرا وقبل انتهائها.

خلاصة القول، سواء صحت هذه الاقوال ام لا، فان شعبنا يبدو متشائلا حيال المصالحة، لانه يسمع عن نوايا تدعو الى التفاؤل ثم يرى مواقف تدعو الى التشاؤم وبات حائرا ومتشائلا وهي الكلمة التي ابتكرها المثقف والاديب الفلسطيني الكبير اميل حبيبي للتعبير عن حالة من التفاؤل والتشاؤم في وقت واحد. وتسود الشارع الفلسطيني حالة من الاحباط على ضوء الاجتماعات العديدة والاتفاقات الكثيرة السابقة بين فتح وحماس التي لم تر النور ابدا وظلت حبرا على ورق، ويعتقد الكثيرون ان اجتماعات القاهرة ونتائجها لن تختلف كثيرا عن السابق، واننا سنظل ندور في الحلقة المفرغة، وسيظل المعنيون بالوضع معنيين بمصالحهم الخاصة التي يقدمونها على المصلحة الوطنية العامة، وسيظل الاحتلال يلتهم الارض والمستقبل ونحن نردد البيانات والخطب والتصريحات التي فقدت مفعولها ويرى المتفائلون وجود فرصة حقيقية لتحقيق المصالحة وان القيادات تدرك مدى النقمة الشعبية على كل من يعيقها او يماطل في الوصول اليها مهما تكن مبرراته، ويرى هؤلاء ان اية ضغوط اميركية او اسرائيلية لن تفلح في تغيير رأي القيادة الفلسطينية التي قاومت مثل هذه الضغوط في مراحل سابقة. كما تؤكد هذه الجهات ان الخلافات عميقة ومتعددة وهي بحاجة لمزيد من الوقت لترجمتها افعالا واعمالا بدل الاقوال والتصريحات.

ان التاريخ لن يرحم وشعبنا لن يسامح من يقف عائقا امام تحقيق المصالحة، وشعبنا قادر على معرفة هؤلاء ولن تخدعه الاقوال ولا الكلامات، وسيدفع هولاء الثمن بالتأكيد وعليهم ان يدركوا ذلك ويتعاملوا معه، وقد تكون اجتماعات القاهرة هي الفرصة الاخيرة ..!!

Email