الربيع العربي والمرحلة الدقيقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيكون الخطأ كبيرا والخسائر فادحة، إن لم تنجح الجماعات الوطنية في دول الربيع العربي بكافة أطيافها ومكوناتها في لجم خلافاتها، وفي قطع الطريق على عوامل التشاحن والارتطام، من خلال الشروع في حوار وطني مسؤول تتراجع فيه تماما الاعتبارات الحزبية والجهوية، لصالح المصالح الوطنية العليا في هذه المجتمعات التي قامت فيها الثورات، وتحملت فيها شعوبها أثمانا كبيرة من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

إن المراحل الراهنة الدقيقة التي تمر بها الأوضاع في دول الربيع العربي، يجب أن تنتهي إلى نتائج تضيف إلى هذه الثورات لا أن تنتقص منها، أن تعزز الانطلاقة إلى التنمية لا أن تصاب الأوضاع الاقتصادية بحالة من الشلل والضمور التدريجي، وهو ما يعاظم الأخطار، ويعزز منطق القوى المضادة التي اندلعت الثورة لتزيحها لوقف امتصاص دماء هذه الشعوب.

إن الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة هي صدارة المهام الوطنية التي ينبغي أن تتضافر جهود كافة القوى السياسية في كل مجتمع لإنجازها، ولبناء نظم مستقرة، تكون قادرة على الصمود في وجه العواصف والأعاصير التي تعقب الثورة.

إن الهدف من هذه الثورات كان تحقيق مصالح الشعب، وإنجاز شعارات الثورة، وتسريع عجلة التنمية، وإعادة النظر في كافة الأبنية السياسية والدستورية لضمان أداء نظيف من جهة، وللضرب على يد الفساد من جهة أخرى.

ومثل هذه الأهداف والغايات ينبغي أن تجفف كافة الظروف والينابيع التي تفسح المجال للتطرف أو الإرهاب، أو التي يحاول أصحابها القفز من فوق أنساق الشرعية ومؤسساتها.

إن هذا التآخي الوطني في الغايات النبيلة، وفي إنجاز استحقاقات المواطنة السليمة ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكافة مكونات الجماعة الوطنية، حتى يخرج الربيع العربي على العالم في مشهد تتأكد معه سلامة الأداء ونجابة الغايات وحسن الإنجاز.

 

 
 

Email