مسؤولية جماعية في حماية المواطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجهد المكثف والمميز الذي تقوم به طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني، والذي أسفر خلال أسبوع واحد عن ضبط منتجات فاسدة من المستوطنات لدى بعض التجار أو في طريقها الى الاسواق الفلسطينية وكشف حقيقة إقدام أكثر من تاجر على تزوير تواريخ صلاحية هذه المنتجات وإعادة تغليفها وكذا ضبط الكثير من البضائع والأغذية الفاسدة، هو جهد يستحق التقدير خاصة وأن هذه الطواقم وبإشراف شخصي من وزير الاقتصاد جواد ناجي قد أنقذت الكثير من المواطنين خاصة الاطفال وكبار السن بمنع وصول هذه المنتجات خاصة الاغذية الفاسدة اليهم، كما ان هذا الجهد يشكل تجسيدا حقيقيا لموقف وطني يحظى بالاجماع بمقاطعة منتجات المستوطنات لما لهذه المقاطعة من أثر فاعل في مواجهة الاستيطان الذي يشكل عدوانا صارخا على الكل الفلسطيني وعلى حقوق شعبنا المشروعة.

بالأمس ضبطت هذه الطواقم سيارة محملة بشحنة من المنتجات من مستوطنة «بركان» في طريقها للاسواق الفلسطينية، وقبل أيام ضبطت لدى أحد التجار حوالي ١٤ طنا من المكسرات الفاسدة منتهية الصلاحية منذ سبع سنوات وكشفت محاولة تسويقها بالتزوير والغش، وقبل ذلك كشفت الكثير من الحالات المشابهة بما في ذلك منتجات غذائية ومنتجات مخصصة للاطفال منتهية الصلاحية، وهو ما يدفع الى التساؤل حول هذا الدرك الاسفل الذي وصل اليه بعض التجار والسماسرة في سعيهم الى الربح السريع عبر تهديد حياة المواطنين من جهة وعبر كسر موقف وطني بمقاطعة منتجات المستوطنات وعمليا مساعدة المستوطنين في خداع الشعب الفلسطيني وايذائه، وهو ما يستوجب ليس فقط الادانة والنبذ بل عقوبات رادعة بحق امثال هؤلاء تنسجم مع جسامة وخطورة الافعال التي يقدمون عليها.

ومما لا شك فيه ان حماية المواطن الفلسطيني وحماية المستهلك ومع تقديرنا للجهد المميز الذي تقوم به طواقم حماية المستهلك انما هو عملية يجب ان يسهم فيها كل مواطن فلسطيني حتى يمكن وضع حد لهذا الجشع وهذا العبث بحياة المواطنين، ولهذا وحتى تستطيع هذه الطواقم وكل الاجهزة المختصة في السلطة الوطنية القيام بدورها على أكمل وجه لابد وان يكون المواطن طرفا في هذا الجهد ولا بد من الابلاغ عن أي تاجر يتلاعب بالسلع والمنتجات الغذائية وغيرها سواء بالتغليف والتزوير وتواريخ الصلاحية او من حيث منشأ هذه المنتجات او أسعارها.

ومن الواضح ان حماية المستهلك هي حماية للمجتمع بأسره كما ان حماية اي موقف وطني والتصدي لانتهاكه يشكل ايضا مصلحة وطنية عليا، واذا كان المستوطنون الذين يرتكبون يوميا اعتداءات فظة ضد المدنيين العزل ومزروعاتهم وممتلكاتهم عدا عن عدوانهم الاكبر بالاستيلاء على أراض فلسطينية والاستيطان فيها، يعتقدون ان بإمكانهم ممارسة هذا الكم الهائل من العدوان وفي نفس الوقت ان تكون أسواق الضحايا مفتوحة أمام منتوجاتهم وتدر الربح على اقتصادهم مما يشجع ويدعم هذا الاقتصاد فهم واهمون . وإن ما يجب ان يقال هنا ان من حق الشعب الفلسطيني ممارسة هذه المقاطعة ضد اولئك الذين ينتهكون أبسط حقوق الانسان الفلسطيني ومن حقه ان يدافع عن أمنه وعن سلامة المنتجات التي تصل الى أسواقه.

وفي المحصلة فان هذا الجهد المميز لطواقم حماية المستهلك وهذا التفاعل الوطني والحرص على أسواقنا وما يصلها من منتجات إنما يشكل رافدا آخر للنضال الوطني لا يقل أهمية عن أشكال النضال الأخرى ويقع في صميم المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال ومستوطنيه.

Email