فرصة اللحظة الاخيرة !!

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشرت صحيفة «صاندي تايمز» رسما ساخرا بالكاريكاتير يبدو فيه نتانياهو يبني المستوطنات على اجسام وجماجم الفلسطينيين .. وكان الحدث مدويا وغير مسبوق وأثار كل القوى الاسرائيلية والمؤيدة مما دفع بمالك الصحيفة روبرت موردوخ الى الاعتذار والاعراب عن الاسف والوعد بالا يتكرر ذلك . واعتبر السفير الاسرائيلي في لندن الامر تجاوزا لكل الخطوط الحمراء.

ورغم الاعتذار والضغوط القوية التي مورست على الصحيفة فإن مجرد نشر كاريكاتير بهذه الحدة والمباشرة يعتبر دليلا على مدى الاستياء الدولي شعبيا ورسميا من الممارسات والسياسات الاسرائيلية التي ترتكب كل يوم مجازر ضد حقوق الانسان الفلسطيني وارضه ومستقبله واحتمالات السلام والاستقرار بالمنطقة ، ليس بشهادات منظمات دولية فقط ولكن بشهادات منظمات اسرائيلية ايضا ، كما فعلت «بتسيلم » قبل ايام قليلة .

وبالامس تقرر الغاء اجتماع مؤسسة حقوق الانسان الدولية الذي كان مقررا في جنيف بسبب تغيب الممثل الاسرائيلي عن الجلسات رغم النصائح الاميركية بأهمية الحضور . ولولا معرفة اسرائيل بضعف موقفها وزحمة الدلائل والشهادات لانتهاكاتها لحقوق الانسان الفلسطيني ، لكانت حضرت ودافعت عن نفسها ، ويؤكد مجرد غيابها ادانة رسمية دولية لها .

في هذه الايام تحديدا تظهر الانتهاكات الاسرائيلية بشكل يدين نفسه بنفسه ، وفي المقدمة ضد الاسرى الفلسطينيين الذين يسجلون بطولات صمود نادرة واحتجاجات واسعة ضد ممارسات الاحتلال . وفي هذه الايام تهدد سلطات الاحتلال بتهجير مجموعة من السكان في حي الفهيدات بالقدس وذلك لتوسيع مستوطنة ، وتخطط كذلك لمصادرة نحو 234 دونما من اراضي بيت صفافا وشرفات بالقدس جنوبا لاقامة طريق استيطاني وتمزيق الاحياء العربية . وهذا كله يضاف الى قائمة طويلة من الاستيطان والتهجير والتهويد ومصادرة الاراضي والتضييق على المواطنين التي تزايدت في السنوات الاخيرة ، ولم تتوقف منذ بدء الاحتلال في 1967 .

ولم تسلم المقدسات ودور العبادة ، من مساجد وكنائس ، من الاعتداءات كالحرق والهدم ، او كتابة الشعارات العنصرية ، وبالامس تجول عشرات المجندين والمجندات في باحات الحرم القدسي بصورة استفزازية بينما تعد الخارجية الاسرائيلية فيلما يظهر هدم المسجد الاقصى المبارك واقامة الهيكل مكانه .

بعد هذا كله هل يبدو الكاريكاتير صادقا ومعبرا عن الواقع ام تجاوزا للخطوط الحمراء ؟! وهل يبدو الاستياء المتسع من السياسات التوسعية على الساحة الدولية حقيقيا ومتسقا مع الواقع ام لا ؟

وفي حين كثر ا لحديث في هذه الايام عن مبادرات سلمية واحتمالات استئناف المسيرة السلمية ، فإن الواقع يبدو كما عبر عنه وزير خارجية بريطانيا ويليام هيغ حين قال « هناك فسحة ضيقة للتحرك » وكما وصفته صحيفة بريطانية اخرى هي صنداي تلغراف بالقول انها « فرصة اللحظة الاخيرة » . فهل يلتقط الرئيس اوباما هذه الفرصة ويسير بالفسحة الضيقة لاخراج المنطقة من المستقبل المظلم المليء بالتطرف والعنف ، اذا لم يحدث شيء جديد وتحرك حقيقي لتحقيق العدل والسلام والاستقرار ؟!

Email