قرارات تلبي التطلعات

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين يكون الاهتمام بالإنسان العماني محل الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى حد التوجيه بعقد ندوة تتناول قضاياه بالتزامن مع فعاليات الجولة السلطانية، إنما يكون ذلك دليلًا واضحًا على أهمية هذا الموضوع وضرورة أن نعيه جيدًا كأساس من أسس العمل الوطني في البلاد .

وبعد ثلاثة أيام من جلسات النقاش جاءت النتائج النهائية لندوة "تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة" متضمنة حزمة من الإجراءات والسياسات والبرامج القابلة للتطبيق تم التشرف برفعها إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حيث تفضل جلالته ـ أعزه الله ـ وأصدر توجيهاته السديدة بشأنها.

إن الندوة تأتي حلقة هامة من سلسلة الجهود الحثيثة والاهتمامات الكبيرة السامية التي تعبر عن حرص جلالته، وتقديره لدور المواطن وأهمية حفز نشاطه ومساعدته على تحقيق طموحاته العلمية والعملية والوظيفية ودوره في تنمية المجتمع والنهوض به، ودور هذا النوع من المؤسسات في رفد الاقتصاد الوطني التي سيدير دفتها المواطن، فالتوجيهات التي تفضل وأصدرها جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أيده الله ـ أعطت ترجمة حقيقية لمدى الاهتمام من لدن جلالته تجاه أبنائه الأوفياء من الشباب والشابات، حيث جاءت التوجيهات السامية في صورة قرارات نافذة تشكل حزمة متكاملة تشمل كل ما يدور في فلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي جعلها تتميز عن ما سبقها من ندوات، فالقرارات لها الصفة الفعلية والنفاذ والتطبيق المباشر، مقترنة بآليات ومواعيد للتنفيذ، ومصحوبة بمخصصات ودعوم مالية.

وقد تنوعت تلك التوجيهات السامية بين اعتماد وتنفيذ برامج تدريبية تشمل تدريب موظفي القطاع الحكومي من ذوي العلاقة والتعامل المباشر مع القطاع الخاص لتعزيز فكر ريادة الأعمال لديهم، ولتحسين تعاملهم وتسهيل وتطوير الإجراءات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يحقق تقديم أفضل الخدمات لتمكين هذه المؤسسات من أداء دورها التنموي، والسماح بتفريغ موظفي الحكومة الراغبين في إنشاء وإدارة مؤسساتهم الخاصة مع الاستمرار في صرف رواتبهم لمدة سنة وفقًا لضوابط محددة، حيث ستتيح عملية الاحتكاك بين موظف الحكومة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تكوُّن أفكار عملية من شأنها إثارة الدافعية والرغبة لدى الموظف الحكومي في ممارسة هذا النوع إذا ما فكر في ترك وظيفته الحالية أو بعد تقاعده، كما أن من الأهمية بمكان تأسيس مؤسسة حكومية مستقلة إداريًّا وماليًّا تعنى بتنمية وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفدها بالموارد المالية والبشرية الكافية، بحيث تدرج تحت مظلتها برامج الدعم الفني الحكومية الحالية المتعلقة بهذه المؤسسات،

 ومن شأن وجود هذه المؤسسة أن يكسر حاجز الخوف من الفشل ويبعث أجواء الطمأنينة، إلى جانب ذلك أن التوجيهات أتت مشجعة وحافزة بما يضفي مزيدًا من الطمأنينة والاتجاه نحو الانخراط في هذا القطاع الواعد، حيث سيتم تخصيص قطع أراضٍ مناسبة في مختلف محافظات السلطنة لبناء مراكز أعمال وحاضنات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تخصيص قطع أراضٍ زراعية وصناعية وتجارية بعقود انتفاع، وتخصيص ما لا يقل عن 10 بالمئة من قيمة إجمالي المشتريات والمناقصات الحكومية المختلفة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإلزام الشركات المنفذة للمشاريع الكبيرة بتخصيص نسبة لا تقل عن 10 بالمئة من قيمة المناقصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مع إعطاء الأولوية لتلك المسجل موقع عملها في المحافظة التي ينفذ فيها المشروع، الأمر الذي سيمكنها من الوقوف على قدميها ومن الاستمرار، وكذلك امتلاك الخبرة وتبادلها. كما شملت التوجيهات مراجعة القوانين والتشريعات والإجراءات المنظمة للتنافسية ومنع الاحتكار وإعلان الإفلاس، وكذلك التمويل، وغيرها من التوجيهات التي تصب في مصلحة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحميها.

إن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الندوة بما خرجت به من نتائج جاءت على أثرها التوجيهات السامية التي شكلت تلك الحزم المتكاملة الآنفة تمثل نموذجًا مشرفًا ودليلًا كافيًا على دور النهضة المباركة تجاه الإنسان العماني، وسعيها نحو تحقيق تنمية شاملة يكون هو أداتها وهدفها، وليكون قادرًا على مواكبة معطيات العصر وتحدياته والتفاعل معه والتفاني في العمل بحب وإخلاص، والاعتماد على النفس والإقبال على خدمة الوطن والتضحية في سبيله، وهو إنجاز يستحق الفخر حيث قدم هذا الطرح العملي الذي يترجم الرؤى السديدة لباني نهضة عمان ومحفز حركة التنمية بكل مستوياتها. وما من شك أن المستقبل القريب سيأتي إن شاء الله بمزيد من الدلائل على قيمة مثل هذه الندوات ودورها في بناء مجتمع عماني منتج متماسك يعتمد على ذاته وبسواعد أبنائه، ولإعلاء الصرح والارتقاء إلى العلا خلف القيادة الحكيمة لجلالته.

 

Email