حتـى لا تتحول مالي إلــى أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالرغم من أنه كانت تتجمع الكثير من الملاحظات والشواهد على مدى السنوات الاخيرة ، والتي كانت تشير جميعها الى ان منطقة الساحل الافريقي والصحراء الكبرى المفتوحة على عدد كبير من الدول الافريقية ، وعلى الدول العربية في شمال افريقيا ايضا ، قد اجتذبت اهتمامات تنظيم القاعدة وعدد من التنظيمات والجماعات المتطرفة الاخرى المرتبطة به ، بشكل او بآخر ، خاصة مع نجاحها في التسرب الى الصومال من قبل ، الا ان ذلك لم يحظ بالاهتمام الكافي ، لا من الدول الافريقية ، ولا من كثير من الاطراف الاخرى ، التي استفاقت على عمليات تهريب للسلاح واسعة النطاق من ليبيا الى دول الساحل والصحراء الافريقية . وقد بدأت نتائج ذلك التراكم في الظهور الان ومخضبة بالدماء كما هي العادة ، دماء الابرياء من المدنيين والرهائن العرب وغير العرب ، الذين تحولهم هذه الجماعات الى مجرد اوراق مساومة للاسف الشديد .

وفي هذا الاطار فإنه من الواضح ان مشكلة احتجاز الرهائن العاملين في موقع " ان اميناس " الجزائري تشكل البداية ، لتفاعلات وتطورات بات من المهم والضروري العمل بشكل جاد وسريع ، ومن جانب كل الاطراف الاقليمية والدولية المعنية بمواجهة الارهاب والتطرف من ناحية ، والراغبة في الحفاظ على امن واستقرار شعوب ودول الشمال الافريقي من ناحية ثانية ، لاحتواء هذا الانتشار ، والتعاون من اجل استعادة الامن والاستقرار مرة اخرى .

جدير بالذكر ان السلطات الجزائرية قامت بجهد كبير ومشكور كذلك في العمل بفاعلية من اجل تحرير الرهائن المحتجزين ، وبالرغم من حدوث خسائر في الارواح بين المحتجزين ، من الجزائريين والاجانب ، الا ان ذلك هو في النهاية الثمن الذي لابد من دفعه من اجل اغلاق الطريق امام الجماعات المتطرفة لفرض مطالبها على الدول المعنية . ومع الوضع في الاعتبار التهديدات التي اطلقها تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به في الساحل الافريقي ، فان الامر لن ينتهي بسهولة ولا بسرعة ، كما انه من غير الممكن ان تتحمله دولة بمفردها مهما كانت امكاناتها الاقتصادية او الدفاعية ، خاصة وان الخطر يمتد ليهدد اطرافا كثيرة ، سواء بشكل مباشر او غير مباشر .

واذا كان من المؤكد ان الاوضاع في مالي ، والتدخل الفرنسي السريع والقوي لاستعادة السيطرة على شمال مالي من جانب سلطات تلك الدولة الافريقية ، هو من ابرز العوامل التى ادت الى احتجاز الرهائن في موقع " ان اميناس " الجزائري - وهو موقع لانتاج الغاز الطبيعي – خاصة وان الجماعات المتطرفة ارادت شغل الجزائر ومنعها من التدخل لمساندة القوات الفرنسية في مالي من ناحية ، والمطالبة بوقف القتال بعد النتائج التي تحققت على الارض من ناحية ثانية ، فان اسلوب التعامل الاقليمي والدولي مع ما يحدث سيحدد بدرجة كبيرة طبيعة ومدى خطورة ما يمكن ان تؤول اليه التطورات في الساحل الافريقي والصحراء الكبرى خلال الفترة القادمة ، وهو ما يحتاج الى مزيد من الانتباه والرغبة الحقيقية في التعاون لتحقيق المصالح المشتركة وفي مقدمتها الحفاظ على امن واستقرار شعوب ودول تلك المنطقة وعدم تكرار النموذخ الافغاني في مالي .

 

 

Email