هذه الممارسات الاسرائيلية برسم المجتمع الدولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أبسط ما يمكن قوله بخصوص التصرفات الاسرائيلية في الآونة الأخيرة هو أنها لا تطاق، وأنها تجاوزت كل الحدود والأعراف المقبول احتمالها أو تحملها من جانب الشعب الفلسطيني. لكن المجتمع الدولي الذي لا يحرك ساكنا يمر بها مرور الكرام ولا يلقي لها بالا، تاركا الفلسطينيين يكتوون بنارها، ويتحملون أوزارها وحدهم.

ففلسطين هي آخر بلاد ما تزال تحت الاحتلال الجائر، بل هو أسوأ أنواع الاحتلال، لأن الاستعمار القديم كان يحمل عصاه ويرحل إذا واجه حركة تحرير رافضة لوجوده. لكن الاحتلال الاسرائيلي متواصل منذ ما يزيد عن ٤٥ عاما، على الرغم من رفض الفلسطينيين له ومقاومته له بكل السبل المتاحة القليلة التي هي في متناول أيديهم. والذي يتصفح عناوين الأخبار ليوم أمس فقط سيذهل من هذه الممارسات الاسرائيلية التي لها بداية مع الاحتلال، غير أنه لا تبدو لها كما يظهر نهاية واضحة في الأفق، ولا بصيص أمل يلوح في آخر النفق. فعلى سبيل المثال يقول أحد العناوين إن عطاءين حكوميين اسرائيليين صدرا لبناء ١٩٨ وحدة استيطانية في مستوطنتي إفرات وخارسينا، وتمت المصادقة على بناء ٦٦٧٦ وحدة إسكانية لمستوطني الضفة خلال العام الماضي. وهناك تقرير عن الاستيلاء على ٤٢ دونما في جبل الزيتون لإقامة كلية عسكرية اسرائيلية بمحاذاة أسوار القدس، تشرف على الحرم القدسي من الشمال.

هذه مجرد عينة من البنود اليومية الروتينية على الملف الاستيطاني الذي يهدد الوجود الفلسطيني بأفدح المخاطر. ومع إدراك العالم لخطورة هذا الملف، فإنه مشغول بمداهنة الحكومة اليمينية الاسرائيلية والتعامل معها بمنتهى اللطف والنعومة، حتى حين يتعلق الأمر بمخطط مثل إي-١ الذي سينسف حل الدولتين وعملية السلام من جذورها، فلم تتعد أقسى أو أقصى ردود الفعل الغربية استدعاء السفراء الاسرائيليين والتعبير لهم عن عدم الرضا بالعبارات الدبلوماسية الهادئة، ودون التلويح، مجرد تلويح، إلى ضغغوط محتملة يمكن اتخاذها إذا وضعت اسرائيل هذا المخطط موضع التنفيذ.

وفي أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة أعمال قتل للمواطني تتم التغطية عليها بالتبريرات المعهودة مثل اجتياز حاجز عسكري أو الاقتراب من السياج الحدودي، وهناك اعتقالات وقمع لمسيرات الاحتجاج على الجدار أو على المخططات الاستيطانية، واقتلاع لخيام الاحتجاج ومنع للناشطينمن الوصول إلى تلك الخيام بالقوة- خلافا لأي قانون وانتهاكا لحرية التعبير والتظاهر المسموح بها في كل المجتمعات الإنسانية، وفي كل الدول التي تحترم الحريات على اختلاف أنواعها.

ونحن إذ نعرض بعضا من الممارسات الاسرائيلية التي تنغص على الفلسطينيين حياتهم، فإنما نوجهها كذلك إلى ما يسمى بالمجتمع الدولي، الذي يتعامل مع الفلسطينيين وكأنهم متكافئون في القوة العسكرية مع الاسرائيليين، ويُفرض عليهم أن يتفاوضوا مع االجانب الاسرائيلي مع اختلال موازين القوى وقدرة الاسرائيليين على فرض أمور واقعة بقوة السلاح التي لا يمتلكها الفلسطينيون. وما دام وضع الفلسطينيين هكذا في ظل الممارسات الاسرائيلية، فلا أقل من أن يلتفت المجتمع الدولي- الذي يضمن لصالح اسرائيل هذا الوضع الصعب الذي يعانيه الفلسطينيون- أن يتحرك لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ويضع حدا للممارسات الاسرائيلية المتواصلة منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا.
 

Email