لبنان.. الوقت لتحكيم العقل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لبنان على فوهة الأزمة السورية، وما النيران التي تندلع من وقت لآخر في طرابلس، إلا دليل ساطع على ذلك.. وطرابلس، التي تتعالى فيها من كل جنبات لبنان، الأصوات العقلانية بضرورة كبح جماح الفتنة، تلك التي تهدد أمن واستقرار ذلك البلد الجميل، ليست «ناقصة» ليزعزع هدوءها المشوب دائما بالحذر، هذا التفجير الذي استهدف بالأمس وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي.

بالطبع، الوزير كرامي، كان حصيفا، إذ هو يسرع إلى التصريح بأن إطلاق الرصاص لم يكن يعنيه بالتحديد، وموكبه يمر عبر منطقة ساخنة.. وكان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، على قدر الإحساس بالمخاطر، وهو يسرع، مناديا على اللبنانيين جميعا، والطرابلسيين تحديدا، تفويت الفرصة على كل الذين يحاولون إبقاء لبنان على (الفوهة) بإثارة الفتنة.. وإثارة الأزمة تلك التي يريد نظام بشار الأسد تصديرها إليهم.

حين كان لبنان على وشك أن يعوي فيه الرصاص، بين مكوناته، ووقف كل اللبنانيين على أصابعهم، يحبسون الأنفاس، تدخلت الحكمة القطرية، بمقدار مسافة واحدة بين الفرقاء، ونادت عليهم أن اجنحوا للحوار، وأعدت لهم الدوحة منبرا، فكان مؤتمرها الذي نزع الفتيل، ورجم شيطان الحرب، وصفَّى بين كل الفرقاء، وحفظ لبنان.. وطنا للجمال، والخير، والنور.

الآن، والفتنة التي كانت نائمة بين اللبنانيين، توقظها الأزمة السورية، ينبغي على اللبنانيين جميعا، أن يستهدوا بروح مؤتمر الدوحة، وأدبياته.. ويستهدوا في الوقت ذاته بكل إرثهم مع أدب الحوار، وكل حبهم جميعا للبنان، ذلك الذي اتسع لهم جميعا برغم صغره، والذي هو يصغر كثيرا، ويضيق عليهم جميعا بشرور الفتنة، والتفرق، والاختلاف.

لبنان أولا.. ولبنان أخيرا.. ذلك هو الشعار الذي ينبغي على اللبنانيين بمختلف اختلافاتهم المذهبية، والسياسية، والفكرية، أن يرفعوه جميعا، بإيمان وإخلاص وعقلانية، وهم يرمون بأبصارهم إلى الذي يجرى في سوريا، ومحاولات تصديره إلى وطنهم.. بل إلى المنطقة كلها.

إننا على ثقة بأن اللبنانيين على قدر مسؤولية المحافظة على أمن وسلامة لبنان..

إننا على يقين أنهم بوعيهم، قادرون على تجنيبه الانزلاق في (الهوة).. هوة النيران التي تتضرم في سوريا.

 

Email