باب الشمس ... بوابة الحقيقة والصمود

ت + ت - الحجم الطبيعي

«قرية الخيام» التي اقامها نحو ٢٥٠ فلسطينيا من مختلف المناطق في المنطقة، «اي 1» فكرة عبقرية فعلا وتعبير بالغ عن الوضع والطموحات واسلوب رائد من اساليب المقاومة الشعبية السلمية لم يحملوا الرشاشات ولا المتفجرات ولا السكاكين ولا حتى الحجارة ... وانما وبكل بساطة أقاموا خياما وقالوا هذه ارضنا وهذا حقنا وسنقيم هنا.

اطلقوا على «قريتهم» اسم باب الشمس المستوحى من رواية الكاتب اللبناني المناضل الياس خوري التي تحمل الاسم نفسه وتروي قصة شعبنا الفلسطيني ونكبته وصموده وتطلعه الى المستقبل بثبات وقوة واصرار رغم كل التحديات والمحن، وقالوا انهم يفعلون ما فعلوا بقرار من الشعب الفلسطيني بلا تصاريح من الاحتلال وبلا إذن من احد لانها ارضنا ومن حقنا إعمارها ... واكدوا ان القرية ستصمد الى حين تثبيت حق اصحاب الارض في اراضيهم.

لا شيء ابلغ من ذلك ولا رسالة اوضح من هذه الرسالة، ولا بد ان تصل الى كل انحاء العالم، ولا بد أن تواجه المتغطرسين التوسعيين الذين لا يفكرون الا بالاستيطان ومصادرة الارض ويتنكرون لكل الحقوق والمفاهيم الوطنية والانسانية والاخلاقية، ويقودون المنطقة الى مزيد من اتون التطرف والكراهية والعداء.

واذا كانت الفكرة رائدة فان اختيار المكان يزيدها اهمية ويعبر عن البعد القوي والتوقيت المناسب لدى هؤلاء الشباب الذين قاموا بهذه المبادرة. ان اسرائيل اعلنت تلك المنطقة هدفا لاقامة مستوطنة جديدة غايتها تمزيق الضفة نهائيا وكليا وفصل شمالها عن جنوبها والقضاء الكامل على فكرة اقامة الدولة الفلسطينية، وقد جاءت «قرية باب الشمس» لتفضح هذا المخطط ليس بالبيانات والاستنكار والشجب كما هي المعادلة، وانما بهذه الخيام التي اقاموها وبهذه الرؤيا التي ارادوا من خلالها ايصال رسالة احتجاج ورفض لهذا المخطط الاستيطاني التوسعي المدمر.

لقد هزت الفكرة وجدان شعبنا الفلسطيني واثارت فيه مشاعر قوية، وتسابقت قوى وطنية كثيرة للاعراب عن التأييد للفكرة والتضامن مع القائمين عليها باعتبارها تعبيرا عن موقف شعبنا كله واسلوبا جديدا في المقاومة الشعبية.

وبالتأكيد فان السلطات الاسرائيلية التي حاصرت المنطقة وتحاول منع وصول أحد اليها، ستبادر الى اقتلاع هذه الخيام وتفريق المتواجدين هناك، لكنها ان فعلت فلن توقف الفكرة ابدا، وستقام خيام اخرى كثيرة وفي مواقع مختلفة في كل الاوقات، لان الرسالة وصلت والفكرة اتضحت والاسلوب صار قناعة لدى شعبنا كله.

كل التحية والتقدير للمبادرين وكل الدعم والمساندة والتأييد لهم، وسيظل شعبنا الصامد الصابر قويا متمسكا بحقوقه ومدافعا عنها بكل الوسائل المتاحة وهو قادر على ابتكار اساليب جديدة للمقاومة السلمية في كل يوم رغم كل التحديات ، وستظل قرية باب الشمس بوابة للحقيقة والصمود.

Email