النظرة الضيقة تعيق السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالرغم مما هو معروف من ان فرصا عديدة لتحقيق اختراق ملموس في عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية، او بمعنى ادق بين الدولة الفلسطينية، وبين اسرائيل قد ضاعت على امتداد العقود والسنوات الماضية، الا انه يبدو ان حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تأبى الا ان تكرر اضاعة الفرصة مرة اخرى وذلك من خلال الاصرار على اتباع سياسات لا يمكن ان تخدم عملية السلام، ولا يمكن الا ان تغلق الفرصة المتاحة الآن، وهي فرصة تحدث عنها الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز ذاته خلال الايام الماضية.

ومع الوضع في الاعتبار ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يضع كل اهتمامه واولوياته، الآن وخلال الأيام والأسابيع القادمة، في الانتخابات العامة المقرر اجراؤها في اسرائيل يوم 22 يناير الجاري، حيث يريد نتانياهو تأكيد فوز تكتل الليكود واستمراره في منصب رئيس الوزراء، وهو امر اشارت إليه كثير من استطلاعات الرأي في اسرائيل الى احتمال تحققه لدرجة كبيرة، الا ان نتانياهو ومن خلال نظرة ضيقة، تغلب عليها للأسف الرغبة في الانتقام من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لما حققه في الامم المتحدة في شهر نوفمبر الماضي، يقوم في الواقع ليس فقط بسد الطريق امام امكانية التحرك مرة اخرى على طريق السلام واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن ايضا السير نحو الدفع بالفلسطينيين الى اليأس من امكانية السلام مع اسرائيل، وهو امر سيضر بالقطع اسرائيل، وبالمنطقة ككل في النهاية.

على اية حال فانه في حين اكد الرئيس الاسرائيلي على ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو شريك يمكن الاعتماد عليه لتحقيق السلام مع اسرائيل، وانه يعرفه ويتعامل معه منذ سنوات عديدة، فانه يبدو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يريد ان يغلق الطريق امام بيريز حتى لا يتدخل في سياسات الحكومة الاسرائيلية بالنقد، خاصة وان بيريز يحظى باحترام كبير، سواء في اسرائيل او في خارجها منذ سنوات طويلة. على ان السياسات التي اعتمدتها حكومة نتانياهو، وهي مدفوعة بدوافع مختلطة، قد عرضتها وتعرضها لانتقادات عديدة، سواء على الصعيد الاقليمي والدولي الواسع، او على الصعيد الاسرائيلي ذاته. وهنا تحديدا فان ما حدث خلال اجتماعات السفراء الاسرائيليين مؤخرا، وانتقاداتهم لسياسات حكومتهم، كان امرا بالغ الدلالة، ومن المهم ان تتوقف امامه حكومة نتانياهو لأن السفراء هم الذين يعبرون عن مواقف حكوماتهم، وسياساتها في الظروف المختلفة واذا شعر هؤلاء بأن حكومتهم تتبع سياسات يصعب تبريرها او الدفاع عنها فان ذلك سيؤدي الى فشلهم دبلوماسيا في اداء رسالتهم ودورهم وهو ما سيؤثر بالضرورة على مواقف وعلاقات اسرائيل ايضا على امتداد العالم.

 

 

Email