الجولة المقبلة للمبعوث الأميركي الخاص

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول التقارير الإعلامية أن المبعوث الخاص للإدارة الأميركية إلى المنطقة ديفيد هيل سيقوم بجولة جديدة في المنطقة خلال الفترة من ٨ إلى ١٠ كانون الثاني الجاري. وهذه هي الجولة الأولى للمبعوث الأميركي منذ انتخاب الرئيس باراك اوباما لفترة رئاسية جديدة، وربما تكون استكشافية وبهدف تقصي الحقائق والتطورات التي طرأت على المنطقة خلال الشهور الماضية.

وهناك قدر كبير من الغموض حول الأسلوب الذي ستتبعه الإدارة الأميركية تجاه موضوع التسوية السلمية للصراع في الشرق الأوسط، وذلك في ضوء التعنت الاسرائيلي الذي أوصل عملية السلام إلى طريق مسدود خلال الولاية الأولى للرئيس اوباما، الذي حاول جهده أثناء السنوات الأربع السابقة لتمهيد السبيل أمام مفاوضات فعالة :فطالب حكومة اسرائيل في البداية بالاعتراف بحل الدولتين ووقف النشاطات الاستيطانية في الأرضي الفلسطينية المحتلة. لكن رئيس تلك الحكومة بنيامين نتنياهو أغلق الباب والنوافذ أمام تفعيل المفاوضات، متشبثا بالتوسع الاستيطاني ورافضا تجميده حتى لفترة شهرين أو ثلاثة لإفساح المجال أمام بدء المفاوضات.

ومع أن الولايات المتحدة صوتت ضد الاععتراف بدولة مراقبة غير عضو في الأم المتحدة وضد إدانة الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية، فما يزال لها دورها الذي يأمل الفلسطينيون أن يكون فعال ونزيها في تحريك عملية السلام في المنطقة. وليس بالإمكان تحييد هذا الدور أو تجاهله، خصوصا وأن أميركا هي لاعب دولي هام في الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

صحيح أن هذا الدور محكوم باعتبارات عديدة منها ما تمارسه اللوبيات اليهودية الموالية لاسرائيل في الولايات المتحدة من ضغوط عبر الذراع التشريعي "الكونغرس"، بهدف توفير شبكة حماية سياسية أميركية لاسرائيل في الأمم المتحدة، لكن هناك ما يمكن القيام به من جانب الإدارة الأميركية لموازنة تلك الضغوط والتحرك بإيجابية نحو الحل المقبول على الفلسطينيين والمجتمع الدولي الذي ملَّ حالة الجمود والركود المخيمة على الملف الفلسطيني منذ ستة عقود ونيف.

وهناك تكهنات وتحليلات متعددة حول التوجهات التي ستعتمدها الإدارة الأميركية إزاء قضية الشرق الأوسط. والبعض يرى أن الإدارة ستنفض يديها من هذه القضية كليا، لأن جهودها السابقة لم تصل إلى أي مكان. بينما يقول البعض الآخر إن إدارة اوباما ستنتهج أسلوب الحياد الواخز، بمعنى أنها لن تتدخل بشكل فعال وإنما ستترك لأوروبا أن تبادر بخطوات فعالة في الأم المتحدة، بينما ستكتفي واشنطن بالامتناع عن التصويت، على نمط "الصمت المعبر عن نفسه".

وما يمكن ملاحظته من إيفاد المبعوث هيل، على أي حال، هو أن إدارة الرئيس اوباما لا تنوي التخلي كليا عن دورها وجهودها المحورية في الوساطة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وإنما ستواصل هذا الدور. فالرئيس اوباما لم يتم تنصيبه بعد، ومع ذلك فهو يوفد مبعوثه الخاص إلى المنطقة. وهذا مؤشر على أن احتمالات الحياد السلبي التي تكهن بها البعض في التعامل مع أزمة المنطقة ليست واردة- على الأقل في هذه المرحلة. وستحدد الأسابيع والشهور المقبلة بشكل قاطع معالم النهج الأميركي تجاه هذه الأزمة، وإمكانية تطوير مبادرات أميركية جادة وحازمة لحلحلة الجمود الراهن وتحريك ما تبقى من عملية السلام.

Email