البشير وسلفاكير وإرادة التعايش بإحسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

  انشطر السودان بإحسان إلى دولتين، وكان منطقيا أن يستصحب الشطران -الشمالي والجنوبي- هذا الإحسان في إقامة علاقات جوار، مبنية على الفهم والتفاهم والحوار والتعايش الكريم.

لكن – وكما أثبتت الشهور الأولى التي أعقبت الانفصال- ألقت سنين الحرب الأهلية بكل ذكرياتها السيئة وما أفرزته من انعدام للثقة بكل ثقلها على الجارين، إلى الدرجة التي توترت فيه العلاقات، وانفتحت النيران.

ما يربط «السودانين» أكثر من ما يفرقهما، ذلك ببساطة لأنهما حتى عهد قريب كانا سودانا واحدا بكل ما تمثله الوحدة من دم، وعرق، وتاريخ، ومصير، ومواطنة، وتداخل أرحام.

ومن هنا، كان ينبغي عليهما معا أن يستذكرا كل ذلك، وهما معا - بوساطة الوسطاء الأفارقة - يمضيان في حلحلة القضايا الحدودية ومرور النفط، بالحوار العقلاني، وروح الإخوة، والجوار.

في سبتمبر الماضي -وفي أعقاب اندلاع النيران- توصل السودانان إلى جملة تفاهمات واتفاقيات حول القضايا الخلافية، لكن للأسف ظلت تلك الاتفاقيات حبرا على ورق، بالرغم من إعلان الرئاستين - في الخرطوم وجوبا- عزمهما إطلاق إرادة التنفيذ العليا.. وهذا التباطؤ في التنفيذ - خاصة فيما يتعلق بمرور نفط الجنوب- كلف الدولتين الكثير من الناحية الاقتصادية.

في الأخبار: الرئيسان البشير وسلفاكير ميارديت، هما الآن في العاصمة الإثيوبية، في مفاوضات لتنزيل اتفاقيات سبتمبر إلى الأرض.

الاثنان- كما تقول الاخبار من الخرطوم وجوبا - يقبلان على المباحثات بانفتاح وعزيمة لتجاوز كل المعوقات، وهذا بالطبع لا يفرح فقط الوسطاء، وإنما يفرح كل الحادبين على السلام بين الدولتين، وعلى سلام إفريقيا.. بل والسلام العالمي.

إننا هنا.. لنأمل أن تكون الإرادة الرئاسية في الدولتين هي الإرادة الغالبة فعلا، لكل إرادات شياطين الاختلافات والحرب والموت.

إننا لنأمل أن تؤسس مباحثات الزعيمين - البشير وسلفاكير- انطلاقة جديدة للتعايش بإحسان.. والتداخل بإحسان.. ذلك لأن مثل هذا التعايش والتداخل هو ما يتطلع إليه الشعبان في الشمال والجنوب معا. 
 

Email