ملامح مبشرة للمصالحة الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقام اليوم في غزة الاحتفال المركزي بالذكرى الثامنة ووالأربعون لانطلاقة حركة فتح. وتكتسب هذه الاحتفالات أهمية خاصة نظرا لكونها الأولى التي تقام في القطاع منذ سيطرة حركة حماس عليه عام ٢٠٠٧. وهذا الحدث المميز يوازي في أهميته احتفالات حماس بذكرى إنشائها في الضفة الغربية الشهر الماضي، وتوحي بأن الأجواء في العلاقات بين الفصيلين الكبيرين بدأت تشهد انفراجات ملحوظة، خصوصا بعد فشل العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة من ناحية، واعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة مراقبة غير عضو في المنظمة الدولية يوم ٢٩ من تشرين الثاني الفائت، من الناحية الأخرى.

وما يريده الشعب الفلسطيني الذي أدان الانقسام واعتبره كارثة وطنية كبرى، هو أن تقوم الحركتان بخطوات عملية وفعالة لوضع حد لإنقسام. ومع التغييرات التي حدثت وتحدث في المنطقة والعالم فإن كلا من فتح وحماس لا بد أنهما تدركان الآن أن ارتباطاتهما الإقليمية ولدولية التي حالت حتى الآن دون جسر هوة الخلافات بينهما هي الآن غير مستقرة، بل إن التطورات الراهنة مرشحة لتغيير هذه الارتباطات. فسوريا في حالة حرب أهلية، والولايات المتحدة تعاني من ضائقة اقتصادية وكانت على شفا هاوية مالية. كما أن موقف واشنطن من المبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة وغيرها من المبادرات لم تكن لصالح التطلعات الفلسطينية نحو سلام عادل، حتى بالحد الأدنى المقبول فلسطينيا.

وقد حان الوقت لتقترب الحركتان من بعضهما على طريق الوحدة الوطنية، لأن الفلسطينيين وحدهم هم من سيقلعون شوكهم بأيديهم. أما التحالفات الخارجية فإنها لمصلحة القوى الأكبر ولفائدتها، ولن تكون هذه القوى حريصة على المصلحة الفلسطينية العليا بقدر حرص الفلسطينيين على تلك المصلحة. فهل تكون احتفالات فتح في غزة بالانطلاقة بداية الطريق العريض نحو المصالحة ووحدة الكلمة الفلسطينية؟ الأيام والأسابيع القادمة هي التي ستجيب عن هذا السؤال.

الآثار العربية في محيط الأقصى

تؤكد التقارير التي نشرت أمس أن العمل جار على قدم وساق في الحفريات الاسرائيلية في المنطقة المحيطة بالحرم الشريف في القدس، وأن هذه الحفريات لم تتوقف منذ الاحتلال الاسرائيلي للمدينة والأراضي الفلسطينية الأخرى عام ١٩٦٧.

وتضيف هذه التقارير أن الحفريات في بعض الأماكن وصلت إلى عمق عشرة أمتار، وتتركز في جنوب المسجد الأقصى حيث آثار القصور الأموية وحول ساحة البراق القريبة من سلوان. وهذه المناطق حافلة بالآثار التي تعود للعصرين الأموي والعباسي، لكن السلطات الاسرائيلية غير معنية بهذه الآثار، ولذلك فهي تواصل الحفر إلى طبقات أعمق تعود للعصر الروماني واليوناني، وتتصور أنها ستعثر على آثار يهودية قديمة من عهود ما يسمى بالهيكل الثاني، ولم تتحقق هذه التصورات رغم مرور خمسة وأربعين عاما على بدء الحفريات، ورغم الأموال الطائلة والجهود المضنية التي قامت وتقوم بها سلطة الآثار الاسرائيلية.

إن المحافظة على الآثار العربية وغير العربية الموجودة في محيط المسجد الأقصى، وعدم العبث بها أو إخفائها هي مسؤولية الاحتلال وفقا للمواثيق الدولية. ولا بد من تنبيه السلطات الاسرائيلية إلى أن هذه الآثار هي جزء م تراث الشعب الفلسطيني، والتراث الإنساني بوجه عام. ومن واجب المنظمات الدولية، وخصوصا منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أن تطالب اسرائيل بالمحافظة على التراث الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني في هذه الديار المقدسة التي مر عليها الغزاة والفاتحون، لكن شعبها الفلسطيني ظل مرابطا فيها ومرسخا جذوره ووجوده عبر الأزمان المتطاولة والاحتلالات المتتالية.

Email