المطلوب تجاوز مرحلة بيانات الإدانة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصمت الطويل والتغاضي عن أخطاء كيان الاحتلال الصهيوني وممارساته العدوانية والمعادية للسلام لم يدفعه فقط لتصعيد الاعتداءات القمعية شبه اليومية على الشعب الفلسطيني ورفض أي حلول سلمية، بل دفعه أيضًا إلى إعلان الحرب والتصفية بحق الشعب الفلسطيني.

فالتعهد الذي قطعه على نفسه المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني في برنامجه الانتخابي بمواصلة الاستيطان ليس من أجل حسم المعركة الانتخابية في حقيقة الأمر، بقدر ما هو تأكيد السياسة الثابتة لكيان الاحتلال الصهيوني القائمة على سرقة الأرض الفلسطينية وتهجير شعبها، وابتداع المؤامرات والمراوغات وأساليب التحايل بضخ أكبر قدر من الأكاذيب للتغطية على جرائمه ولإخراس أي صوت قد يريد أن ينطق بكلمة حق أو بكلمة لا، والتي (أي تلك المراوغات والأكاذيب) يتلقفها حلفاؤه وداعموه وممالئوه لاستخدامها شماعة يعلقون عليها مواقفهم المنحازة، ويسترون بها عوراتهم في إطار تبادلية الأدوار للتهرب من مسؤولياتهم الأخلاقية الواجبة تجاه عملية السلام التي تعد من ابتكاراتهم ومن صميم قواميسهم السياسية، وأيضًا مسؤولياتهم الأخلاقية الواجبة عليهم لإسداء أسس الاستقرار في المنطقة طالما لهم مصالح تهمهم بصورة أكبر مثلما تهم شعوب المنطقة. ولذلك كنا نأمل أن يخرج مسؤول غربي يعلق مستنكرًا ورافضًا على إعلان السرقة المكشوف الذي تبناه المتطرف نتنياهو وعزمه الأكيد على مواصلة اللصوصية ونهب حقوق الشعب الفلسطيني.

وإذا كان هذا هو حال المسؤولين والسياسيين الغربيين الموالين والمدافعين والداعمين للاحتلال الصهيوني، فإن حال المسؤولين والسياسيين العرب لا يقل ضعفًا وتهاونًا، حيث كان الواجب عليهم أن يدينوا هذا الإعلان ويتخذوا مواقف عملية تجاه هذا التصعيد والسرقة غير المسبوقة، لا سيما وأنهم يدركون أن الهدف من إصرار كيان الاحتلال الصهيوني على سرقة أراضي فلسطين كلها هو منع أي فرصة لإمكان قيام دولة فلسطينية تكون متصلة جغرافيًّا ومستقلة. ولذلك إذا كان المسؤولون العرب لم يتخذوا مواقف جدية إزاء سياسة الاستيطان والتهجير والقتل من قبل وإعلان السرقة الجديد للمتطرف نتنياهو فما الذي يمكن أن يفعلوه أو يقدموه للشعب الفلسطيني في زيارتهم لرام الله بعد غد السبت؟ صحيح أن الزيارة من الناحية المعنوية مرحب بها، لكن ما لم يترافق مع الجانب المعنوي مواقف جادة وداعمة سياسيًّا ودبلوماسيًّا وماليًّا في ظل التكالب الصهيوني والسرقة الصهيونية التي لم تقتصر على الأرض بل تعدت لتشمل الأموال الفلسطينية، فإن الزيارة ما هي سوى علاقات عامة، وتدخل في سياق الدعاية للتغطية على إخفاقاتهم في الملف الفلسطيني، بل الخشية أن يوظف كيان الاحتلال الصهيوني فشل الزيارة ـ إذا ما سارت في هذا الاتجاه الذي لا نتمناه ـ في الإمعان في عمليات السلب والنهب، لذا فالوفد العربي الزائر ما دام تجشم مشقة هذه الزيارة عليه أن يؤكد أن العرب بصدد تجاوز بيانات الإدانة والاستنكار والخطب البلاغية إلى مواقف عملية جادة تتجاوز مواقف بيانات الاستنكارات، وأن لا يترك أي انبطاعات لدى المحتل الصهيوني يفسرها على أنها ضعف ليتمادى أكثر في جرائمه.

 

 

 

Email