الاختبار الحقيقي لمصداقية أميركا وأوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاعتداءات الوحشية التي يرتكبها المستوطنون يوميا في مختلف أنحاء الضفة الغربية ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم تحت سمع وبصر الحكومة الاسرائيلية التي تدعم وتمول وتسلح وتحمي المستوطنين والتي يفترض أنها مسؤولة عن حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لاحتلالها غير المشروع بموجب القانون الدولي، هذه الاعتداءات تتزامن مع سلسلة من المخططات الاستيطانية التي يكشف النقاب يوميا عنها في اسرائيل سواء الاستيطان في القدس العربية المحتلة او باقي انحاء الضفة الغربية، في الوقت الذي يكتفي فيه العالم بعبارات الشجب والادانة والاستنكار كما فعلت عدة دول اوروبية او النقد الخجول كما فعلت الادارة الاميركية، وهو ما لم يردع اسرائيل ويدفعها لوقف استيطانها غير المشروع، بل ان هذه المواقف الدولية التي اقل ما يقال فيها انها متخاذلة وتكشف ازدواجية الغرب شجعت الاحتلال الاسرائيلي على التمادي في غطرسته وتحديه للقانون الدولي.

ان ما يجب ان يقال هنا لدول اوروبا وللولايات المتحدة الاميركية وللجنة الرباعية الدولية ان وقف الخرق الفظ للقانون الدولي من قبل اسرائيل لا يمكن ان يتم الا بموقف جاد وحازم من المجتمع الدولي وبقرارات ملزمة قابلة للتنفيذ سواء في مجلس الأمن او لقرارات جادة يتخذها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بالتعاون مع المجتمع الدولي لفرض عقوبات على اسرائيل وإفهامها انها لا تستطيع مواصلة الاستيطان غير الشرعي في اراضي دولة فلسطين المحتلة، كما ان المجتمع الدولي لا يستطيع غض الطرف عن الاعتداءات التي تثير الاشمئزاز ويندى لها الجبين والتي يرتكبها مستوطنوها ضد المدنيين الفلسطينيين.

وتدرك اوروبا واميركا قبل غيرهما ان الطريق الأقصر الى الأمن والسلام في الشرق الاوسط يكمن في انهاء الاحتلال الاسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره كما أكدت ذلك الغالبية الساحقة من دول العالم امس الأول وتمكينه من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وحل كافة جوانب القضية الفلسطينية بموجب القوانين والقرارات الدولية بما في ذلك القرار ١٩٤ الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وتعويضهم.

والسؤال الذي يطرح هنا: لماذا تكتفي اوروبا واميركا بعبارات خجولة تجاه الانتهاكات الاسرائيلية الفظة وتجاه تهديد الاحتلال الاسرائيلي للأمن والاستقرار في الشرق الاوسط فيما تسارعان الى اتخاذ سلسلة من العقوبات ضد العديد من الدول التي لم ترتكب ما ارتكبته اسرائيل من انتهاكات وحرمان شعب بأكمله من حقوقه في الحرية والاستقلال ؟ ألا يؤكد ذلك مجددا عدم مصداقية الغرب في التعامل مع قضايا الشرعية الدولية ومبادىء حقوق الانسان ؟

ان ما يجب ان يقال أيضا للاتحاد الاوروبي ودوله وللولايات المتحدة ان الشعوب العربية قاطبة بما فيها الشعب الفلسطيني قد سئمت هذه الازدواجية الغربية وسئمت هذا النفاق الغربي ولا ينطلي عليها بيان إدانة هنا او هناك في الوقت الذي ترتبط فيه اسرائيل بعلاقات تجارية وعلاقات تعاون وثيق مع دول اوروبا ومع الولايات المتحدة وفي الوقت الذي قدمت فيه اوروبا واميركا المساعدات الضخمة وعلى كافة المستويات لاسرائيل التي تستغل ذلك في تعزيز وترسيخ احتلالها غير المشروع وبناء المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة.

حان الوقت كي تسمع اوروبا واميركا صوت الشعب الفلسطيني الذي يرى هذا التخاذل الاوروبي - الاميركي ازاء مأساة الشعب الفلسطيني ويرى هذا الانحياز السافر للاحتلال.

واذا كانت مبادىء العدل والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان تهم أوروبا وأميركا كما يحلو لهما التشدق بها دوما، فإن الاختبار الحقيقي لمصداقية مواقفهما يكمن في العمل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي ووقف الجرائم اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

Email