يستحيل إسكات نداءات الحرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ أن بدأت ثورة الشعب السوري للمطالبة بالحرية والديمقراطية، ظل المراقبون يحذرون من مغبة تجاهل النداءات العقلانية لإطفاء النزاع عبر إيقاف النظام لاستخدام خياره المرفوض، متمثلا في اللجوء إلى القمع وتوجيه الآلة العسكرية والأمنية تجاه صدور الناشطين، في مطالبتهم السلمية بحق مشروع هو حق التعبير والمناداة بسوريا ديمقراطية، على غرار ما طالب به ناشطون في عدة ساحات عربية.

وقد شهدنا يوما بعد يوم، كيف أن خيار «الحل الأمني» قد أدخل سوريا في دوامة لا متناهية من العنف والعنف المضاد. وقد ظن النظام أنه يستطيع باستخدام السلاح الناري أن يخمد الثورة السلمية المنادية بالحريات. وعقب ذلك، فقد اضطرت فصائل ومجموعات سورية عديدة إلى مواجهة قمع النظام بذات اللغة التي يفهمها وهي لغة القوة. وتدريجيا تمكن الثوار من تحقيق انتصارات مشهودة، برغم فداحة الثمن الذي دفعه الشعب السوري بأسره في ظل هذه المأساة المتواصلة التي تسبب فيها النظام برفضه الإنصات إلى المطالب الشعبية المشروعة.

إن النظر إلى الواقع الراهن الذي وصلت إليه الأوضاع في سوريا يشف عن كم هائل من المعاناة والظروف بالغة الصعوبة التي يعايشها السوريون. ففي ظل انتهاج النظام لسياسة القمع ولا شيء سواه، لمحاولته إنهاء النزاع بالصورة التي يطمح إليها، فقد استشهد آلاف الضحايا في معارك كانت أغلبها موجهة ضد المدنيين العزل.

إن كافة المؤشرات تؤكد أن النظام وعلى مدى يقارب العامين الكاملين، قد عجز عن إسكات نداءات الحرية السورية. وهو بالطبع أمر مستحيل، لأن الشعب إذا أراد الحياة لا بد له أن ينتصر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر. وفي لحظات يقترب فيها الصراع السوري من نهاية محتومة ومحسومة تتمثل في انتصار الشعب على جلاده، فإن نداءات اللحظات الأخيرة لا تزال تتصاعد لمطالبة هذا النظام بأن ينصت ولو مرة واحدة، إلى صوت الحقيقة، وأن يقبل بما يطالب به المجتمع الدولي من إقرار بتسليم السلطة إلى ممثلي الشعب السوري الحقيقيين، وبداية عملية انتقال سياسي، ترجع الحق الضائع إلى أهله.
 

Email