الفلسطينيون في مواجهة معاناة متعددة الوجوه

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ قيام دولة اسرائيل في عام 1948، وما ترتب على ذلك من نتائج، سواء بالنسبة للفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من ارضهم وديارهم، او بالنسبة للفلسطينيين الذين قبضوا على الجمر وصمدوا واستمروا في ارضهم برغم كل صنوف الجور والتعسف الاسرائيلي، يعيش هؤلاء واولئك معاناة حقيقية ومستمرة، ومتعددة الوجوه والمستويات ايضا، ولا يختلف ذلك بدرجة كبيرة بين من يعيشون في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ومن يعيشون في الشتات، اي خارج فلسطين، سواء كان ذلك في معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في بعض الدول العربية، او في الدول الاخرى التي استقر فيها اعداد منهم.

ومع الوضع في الاعتبار ان الدول العربية حرصت على اتباع سياسات محددة في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على اراضيها، في اطار عدم اتاحة الفرصة لتوطينهم على اي نحو، حفاظا على حق عودتهم الى اراضيهم المحتلة، كما تم التوافق على سياسات عامة بين الدول العربية للتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين، حيث حاولت جامعة الدول العربية القيام بدور ما في هذا المجال، الا ان التطورات والظروف العربية خلال السنوات الماضية دفعت، بشكل او بآخر، في اتجاه استدراج الفلسطينيين، او بعض فصائلهم الى دهاليز السياسة العربية، والارتباط بشكل او بآخر، بهذا الطرف العربي او ذاك، وذلك في اطار اعتبارات المراعاة والتواؤم مع مقتضيات الظروف العربية والفلسطينية، وهو ما وضع الفلسطينيين احيانا بين المطرقة والسندان. فبرغم انهم لايريدون التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية التي يتواجدون عليها، وذلك من حيث المبدأ، الا انهم يواجهون ضغوطا عديدة لاتخاذ مواقف، او اعلان سياسات، او رفض اخرى في ظروف محددة، وقد دفعوا ولا يزالون يدفعون ثمنا غاليا في محاولاتهم النأي بأنفسهم عن التورط في الخلافات العربية بوجه عام، وفي تفاعلات السياسة الداخلية للدول التي يتواجدون فيها بوجه خاص.

وفي ظل ما تشهده سوريا الشقيقة من تطورات واحداث تدمي قلوب الكثيرين، خاصة في ظل اتساع عمليات القتال والمواجهات المسلحة بين الجيش السوري وبين الجماعات المسلحة، فانه من المأمول ان تظل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بعيدة عن اي تورط في هذه المواجهات من ناحية، او التعرض لاية عمليات قصف، بأية وسائل، او من جانب اي طرف سوري من ناحية ثانية، نظرا لأن امتداد المواجهات الى مشارف المخيمات الفلسطينية من شأنه ان تترتب عليه مضاعفات عديدة ولا ضرورة لها، لا بالنسبة لسوريا ولا بالنسبة للفلسطينيين الموجودين على الاراضي السورية، خاصة وانهم يحملون كل الخير والتقدير لسوريا العزيزة، دولة وشعبا وقيادة لما احاطتهم به من رعاية يتحدث الكثيرون منهم عنها. ويكفي ما يتعرض له الفلسطينيون في الاراضي المحتلة وفي خارجها من معاناة متعددة الوجوه والمستويات
 

Email