القضية الفلسطينية .. مرآة فاضحة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تؤكد فيه الوقائع على الأرض الفلسطينية أن سرطان الاستيطان مدمر لحل الدولتين وآخذ في التغول لِيَلْتهم كامل أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، لا يزال الشعب الفلسطيني ينتظر وقفة عربية جادة تنتشله من طائلة الخناق الاقتصادي والمعيشي الذي يطبقه ضده كيان الاحتلال الصهيوني.

فقد بلغ التمادي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني شأوًا خطيرًا، سواء على مستوى الأرض ومواصلة سرقتها، أو على مستوى العائدات المالية للسلطة الفلسطينية من الضرائب والاستيلاء عليها ورفض الإفراج عنها، ما يطرح تحديات تضع السياسة الفلسطينية بصورة خاصة والسياسات العربية بصورة عامة على المحك، فإذا كانت السلطة مطالبة بخطوات عملية وعدم الركون عند محطة الانتشاء بالاعتراف الأممي بدولة فلسطين مراقبًا غير عضو في الأمم المتحدة، والعمل على توظيف الوضع الجديد بما يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفض الاستسلام لما يدعيه الاحتلال الصهيوني من عقوبات بسبب التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة والنجاح في الحصول على الوضع الجديد، فإن العرب أنظمة وشعوبًا مطالبون بما يتوجب عليهم القيام به تجاه أشقائهم الفلسطينيين الذين يعانون الحرمان والجوع والحصار، والتهجير والقتل والاغتيال،

وسرقة الأرض وسرقة الأموال من قبل عدو غاشم لا يرحم ولا يميز بين حق وباطل، ولا يؤمن بالحقوق، ويرفض الاعتراف بالآخر، ولا يميزه عن غيره سوى الحقد والكراهية والإرهاب والشر المستطير، ولذلك فإن الأشقاء الفلسطينيين هم الأحوج إلى أشقائهم العرب (أنظمة وشعوبًا) الذين من الواجب عليهم أن يسخروا أموالهم ودبلوماسيتهم وأسلحتهم وتظاهراتهم واحتجاجاتهم لنصرة أشقائهم الفلسطينيين الذين يعدون آخر شعب يتعرض لاحتلال غاشم وجائر، وتتنكر كل القوى الداعمة لهذا الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني، بل وأثبتت الوقائع والأحداث كره هذه القوى كل ما هو فلسطيني، بدل أن يوظف العرب أموالهم ودبلوماسيتهم وتظاهراتهم واحتجاجاتهم لتوجيهها ضد بعضهم بعضًا ولإسقاط بعضهم بعضًا، مقدمين رؤوس دولهم للقوى الداعمة والمؤيدة للاحتلال الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية ومحوها من قواميسهم وكافة القواميس العربية، لتعيث هذه القوى فسادًا في دولهم تفتيتًا وتمزيقًا وتناحرًا وصراعًا طائفيًّا، وكل ذلك في سبيل بقاء كيان الاحتلال الصهيوني الذي يمارس عملية إبادة ممنهجة بحق الشعب الفلسطيني أرضًا وبشرًا وأموالًا واقتصادًا وهويةً.

إن الحصار المالي الذي يطبقه الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين يهدد بتوقف الحياة لعدم قدرة المواطنين الفلسطينيين على تلبية احتياجاتهم ومتطلبات أسرهم، كما يهدد بتوقف مسيرة التعليم لتأخر صرف رواتب المعلمين وتلبية احتياجات المدارس، ما يطرح تساؤلًا مهمًّا: أين القرارات التي اتخذتها لجنة المتابعة العربية خلال اجتماعها مؤخرًا في الدوحة بتنفيذ قرار سابق لجامعة الدول العربية بتوفير شبكة أمان للسلطة الفلسطينية بقيمة مئة مليون دولار لمواجهة السرقة الصهيونية؟ ولماذا تأخرت عملية الصرف؟ أم تم إعطاء الأولوية لهذه المبالغ فيما يخص الأزمة السورية لتصرف على المعارضة السورية المسلحة؟

إن القضية الفلسطينية ستظل على الدوام محكًّا حقيقيًّا للسياسات العربية بوجه خاص، ولسياسات ما يسمى بالمجتمع الدولي بوجه عام، فهي المرآة العاكسة لما يعتور تلك السياسات من تناقضات ومواقف منافقة.
 

Email