مؤتمر الأسرى والنتائج المأمولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 
المؤتمر الدولي في بغداد حول أسرى الحرية للفلسطينيين يعتبر حدثاً فريداً وهاماً حيث تشارك فيه الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ونحو ٧٠ دولة وعشرات منظمات حقوق الانسان من كل أنحاء العالم، وبهذا لم تعد قضية هؤلاء المناضلين الصابرين وراء القضبان قضية فلسطينية او حتى عربية فقط وإنما هي قضية تهم الرأي العام العالمي بأسره.

وللقضية جانبان هامان وأساسيان: الأول هو ضرورة الإفراج عنهم وتحريرهم والثاني هو ضرورة معاملتهم بطريقة إنسانية وأخلاقية وتوفير أبسط حقوقهم ومتطلباتهم هم وعائلاتهم أثناء وجودهم في الأسر، لان الاجراءات الاسرائيلية في هذا المجال تزيد المعاناة كثيراً، وهي معروفة ومتعددة وتتعلق بالزيارات والتعليم والبيئة الصحية والعزل الانفرادي وغير ذلك الكثير.

كما ان هناك الاعتقال الاداري الظالم الذي لا يستند الى أية قوانين او قرارات محاكم وإنما لمجرد الشبهة ويجري تمديده مرات ومرات، كما ان هناك اعتقالات للمحررين من الأسرى في مخالفة للاتفاقات التي لا تلتزم بها اسرائيل عادة، بالاضافة طبعاً الى الأطفال الأسرى والنساء.

والمأمول من هذا التجمع الكبير في بغداد ان يتمخض عن اجراءات عملية قابلة للتنفيذ سواء بممارسة الضغوط الجدية على اسرائيل مباشرة او من خلال المحاكم الدولية او تقديم الدعم القوي المالي والمعنوي للأسرى وعائلاتهم.

لابد أخيراً من توجيه تحيات التقدير والاحترام والمحبة الكبيرة لهؤلاء الأبطال الذين يضربون عن الطعام منذ أيام عدة وتتعرض حياتهم للخطر الحقيقي ولاولئك المناضلين الذين أمضوا اكثر من عشرين عاماً وراء القضبان، وتقف الكلمات عاجزة حقاً عن اعطاء هؤلاء ما يستحقونه من تقدير ومحبة من شعبنا ووطننا.

اقتحام «العاصمة المؤقتة» للدولة!!

لم تتوقف اسرائيل يوماً عن ممارساتها المنافية لأبسط القوانين والحقوق تحت ذرائع ومبررات واهية وغير منطقية ولكنها موجودة دائماً وفي مقدمتها الأمن، هذه الأسطورة المزعومة التي يتخذونها شماعة لكل انتهاكاتهم.

الاستيطان لا يتوقف وتهويد القدس كذلك والحديث عن يهودية الدولة «والحدود الآمنة» والاعتقالات ومصادرة الأرض وهدم المنازل وتشريد المواطنين وغير ذلك.

الا ان اسرائيل قامت قبل يومين بخطوة في هذا الإطار ولكنها اكثر دلالة رمزية حين اقتحمت قوات الجيش الاسرائيلي «العاصمة المؤقتة» للدولة الفلسطينية، رام الله، وعاثت فساداً في مقرات ثلاث مؤسسات أهلية تعنى بشؤون المواطنين وصادرت أجهزة ووثائق وكل ما وصلت اليه وأرادته، وغادرت المكان وكأن شيئاً لم يحدث.

ويبدو ان اسرائيل أرادت ايصال رسالة سياسية باقتحامها الموسع للمدينة التي فيها كل مؤسسات الدولة او السلطة بعد مساعيها المستمرة والقوية لتهويد العاصمة الموعودة وهي القدس الشريف، وخلاصة الرسالة هي إدارة الظهر لكل المجتمع الدولي ولكل القرارات الدولية التي تدعم الحقوق الفلسطينية.

لكن اسرائيل واهمة وقصيرة النظر في غطرستها هذه لأن المجتمع الدولي بدأ يدرك فعلاً وبشكل واسع لا سابق له، جرائم الاحتلال وممارساته وبدأ يعبر لقادة اسرائيل مباشرة وبوضوح وقوة رفض هذا المنطق وهذه السياسات، بما يؤكد أن التمادي في الغطرسة سينقلب على اسرائيل طال الزمان او قصر، وان حقوقنا لن تضيع وشعبنا لن يستسلم أبداً.
 

Email