مصر تطلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذه اللحظة الفارقة الدقيقة من تاريخنا الحديث‏،‏ فإن مصر تطالبنا بالتجاوب مع جملة مطالب ملحة وعاجلة لا تحتمل التسويف ولا التأخير‏. فمصر تطلب إلا نتخلف عن المشاركة في الاستفتاء الحاسم غدا على مسودة الدستور بصرف النظر عما إذا كنت من الرافضين أو المؤيدين لها،وأن تذهب إلى لجنتك الانتخابية وتشارك واضعا في اعتبارك انك الحكم، واترك وراء ظهرك كل ما سمعته من المتاجرين والمنتفعين على مختلف الجبهات الذين لا يكترثون سوى بتعظيم مكاسبهم ومنافعهم،ومطاردة حلم الزعامة الذي أصبح داء مزمنا لدي الكثيرين.


مصر تطلب من أبنائها أن يعودوا صفا واحدا لا تفصل بينهم تلال الحقد والبغضاء التي زادت في الآونة الأخيرة، بعدما اقتتل المصريون المختلفون في الرأي في الشوارع، وسالت الدماء انهارا، متجاهلين أن الوطن يقف علي المحك وعلي حافة الهاوية، وانه لا يصح السير، مثل القطيع خلف دعوات تحض علي الاقتتال مهما كانت المبررات والحجج، وأن تتجمد حياتنا ومساعينا للنهوض، خصوصا علي الصعيد الاقتصادي الذي يتدهور بمرور الوقت ونفقد معه ثقة المؤسسات الدولية والجهات المانحة للمساعدات والقروض.


مصر تطلب من قياداتها السياسية التعقل وتحكيم العقل والمصلحة الوطنية علي ما سواها من حسابات سياسية ضيقة الأفق, فالوقت ليس مناسبا للألاعيب والمناورات الهادفة للقضاء علي الخصم الواقف علي الجبهة الأخري، أننا نحتاج لوحدة وطنية لا تهتز وتضعف أمام إغراءات الطامحين للوصول إلي كرسي السلطة باي ثمن.


مصر تطلب من صناع القرار فيها إدراك حساسية الظرف ودقته، وان ما يتم اتخاذه من قرارات لابد أن يدرس بعناية فائقة لمعرفة أثاره داخليا وخارجيا، فلا يجوز إصدار قرار اليوم والتراجع عنه بعد ساعات. أخيرا فإن مصر تطلب منا عدم إشعارها بالآلام المبرحة الناتجة عن خلافاتنا وقتالنا، وأن نعطيها فرصة لالتقاط الأنفاس حفاظا على الثورة ومكتسباتها.
 

Email