جدل إسرائيلي يمكن الاستفادة منه

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذا كان العدوان الاسرائيلي الذي ارتكبته حكومة نتانياهو ضد قطاع غزة قد اسفر عن بعض النتائج التي صبت في صالح الفلسطينيين، برغم عمليات التدمير الواسعة التي صاحبته، فان هذا العدوان فتح في الواقع المجال امام جدل، لم ينته بعد، في الاوساط الاسرائيلية حول خسائر اسرائيل السياسية بسبب عدوانها على غزة من ناحية، وما جرته حكومة نتانياهو على اسرائيل بسبب مواقفها المتعنتة من السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة، وما حققه من نجاح دبلوماسي للدولة والقضية الفلسطينية من ناحية ثانية.

ومع الوضع في الاعتبار ان حكومة نتانياهو قد دفعت باسرائيل الى انتخابات مبكرة ستتم الشهر القادم، وهي انتخابات تسجل فيها الاتجاهات اليمينية الاسرائيلية بوجه عام، وحزب الليكود بزعامة نتانياهو بوجه خاص، تفوقا واضحا وعلى نحو يكاد يكون ملموسا، وفق استطلاعات الرأي العام الاسرائيلي التي جرت، فان عددا غير قليل من القيادات السياسية الاسرائيلية قد انتقدت الاداء السياسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي، خاصة ما يتصل بمعارضته الشديدة وبكل الوسائل لمحاولة الرئيس الفلسطيني نيل عضوية فلسطين في الامم المتحدة كدولة مراقب غير عضو بل ان قيادات اسرائيلية اتهمت نتانياهو بتفويت فرصة سياسية على اسرائيل، كان يمكن ان تستفيد منها اسرائيل ذاتها، اذا اتخذت حكومة نتانياهو موقفا مغايرا ومساندا او على الاقل متفهما للموقف الفلسطيني في الامم المتحدة، وهو امر كان يمكن ان يفيد اسرائيل ذاتها على حد قول رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود اولمرت.

على اية حال فانه بغض النظر عن هذا الجدل، المدفوع باعتبارات اسرائيلية داخلية بالاساس، في المقام الاول، فان الانتقادات التي تم توجيهها الى نتانياهو، سواء من جانب اولمرت، او تسيبي ليفني رئيسة وزراء اسرائيل السابقة، او من جانب شاؤول موفاز وغيرهم، تشير بشكل واضح الى ان هناك في اسرائيل قيادات ومسؤولين معارضين، بل وترى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي فوت فرصة سياسية كان يمكن ان تفيد اسرائيل ذاتها على صعيد الرأي العام الدولي، او على الاقل تخفف من عزلتها الدولية التي تتزايد بدرجة مطردة وواضحة.

ومع التأكيد على حقيقة ان قيادات اسرائيل لم تكتشف فجأة عدالة المطالب الفلسطينية، وانها تنطلق في النهاية من مصالح اسرائيلية في المديين القريب والبعيد، الا انه يمكن للفلسطينيين، وللسلطة الوطنية الفلسطينية بوجه خاص ان تستفيد من هذا الجدل، الذي يشير الى ميل متزايد في اسرائيل للسير نحو اتاحة الفرصة لحل الدولتين، والعمل على تغيير الصورة المتشددة التي صنعها ويحرص نتانياهو على الاستمرار فيها برغم انها تضر باسرائيل على مستويات عديدة. ومن المؤكد ان السلطة الفلسطينية تحتاج الان الى جهد مضاعف من اجل الاستفادة مما يجري داخل اسرائيل بشكل حقيقي وعملي يفيد الشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة
 

Email