عندما يدين العالم مواقف إسرائيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كان من المعروف على نطاق واسع أن الأمم المتحدة بوجه عام، وجمعيتها العامة بوجه خاص، تعبّر إلى حد كبير عن الضمير العالمي حيال هذه القضية أو تلك، فإن من ابسط موجبات التعامل معها من جانب الدول الأعضاء في المنظمة الدولية هو الاستجابة إليها، ووضعها موضع الاعتبار أخلاقيا وسياسيا، على الأقل على المستوى المعنوي، خاصة أن مصدر القوة الأساسي بالنسبة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة هو مدى تمتعها بالتأييد الدولي العام والواسع في ظروف محددة.

وخلال الأيام الأخيرة فإنه من غير الممكن تجاهل حقيقة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قرارين على جانب كبير من الأهمية فيما يتصل بمطالبة إسرائيل بالالتزام بقواعد القانون الدولي، والقيام بمسؤولياتها بوجه عام، ومن ثم إدانة انتهاكاتها لقواعد ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وإذا كان القرار الأول – يوم الخميس الماضي - يتصل بقبول فلسطين كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وهو يتصل بوضع فلسطين ومستقبلها، إلا أن هذا القرار ذاته ينطوي على إدانة لمواقف وممارسات إسرائيل حيال الشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة. ثم جاء القرار الثاني للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول وهو القرار الذي يدعوها للانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي وفتح منشآتها النووية أمام الوكالة الدولية للطاقة النووية لتفتيشها، وهو القرار الذي أيدته 176 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في مقابل معارضة 9 دول فقط وامتناع 9 دول أخرى عن التصويت. وهذا التصويت يوضح بشكل قاطع أن العالم كله يقف ضد إسرائيل ويطالبها بالوفاء بالتزاماتها الدولية مثلها مثل الدول الأخرى فيما يتصل بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، خاصة أنه من المعروف انه تم إلغاء مؤتمر هلسنكي الذي كان مقررا عقده هذا الشهر لبحث إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل نووية وغير نووية.

غير أن المشكلة الحقيقية، وهي مشكلة ليست جديدة، تتمثل في أن إسرائيل تتعامل مع قرارات الأمم المتحدة باستهتار ولا مسؤولية شديدة، انطلاقا من أن قرارات الجمعية العامة هي توصيات بوجه عام وأن القرار الأخير الخاص بدعوة إسرائيل للانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي، هو قرار روتيني كما وصفته إسرائيل، ويعني ذلك بوضوح أن إسرائيل لا تتعامل بجدية ولا مسؤولية مع ما عبّر عنه الرأي العام العالمي من خلال قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأيا كان الأمر بالنسبة لموقف إسرائيل من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن ما لا يمكن التقليل من أهميته هو أن العالم ضاق ذرعا بمواقف إسرائيل وانتهاكاتها للقانون والمواثيق الدولية، وأن العالم يريد الآن دفع إسرائيل نحو الالتزام بالشرعية الدولية، والسير نحو حل القضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين، وهو حل يحقق في الواقع مصلحة وأمن إسرائيل إذا تعاملت إسرائيل معه بجدية والتزام وبشكل يختلف عن مواقفها المعروفة على امتداد السنوات الماضية.


 

Email