فلسطين والاستيطان والنفاق الغربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في محاولة للخروج من حالة الاختناق التي يشعر بها المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني ما بين صمود قطاع غزة في العدوان الإرهابي الذي شنه مؤخرًا على القطاع في إطار السياق الانتخابي الصهيوني الذي يعتمد على سفك أكبر قدر من الدماء الفلسطينية من أجل الفوز بالسباق، وبين النصر الدبلوماسي الذي حققه الفلسطينيون في الأمم المتحدة بالحصول على الاعتراف بوضع مراقب غير عضو لدولة فلسطين، أصر المتطرف نتنياهو على ممارسة سياسته القذرة القائمة على العربدة واللصوصية المعلنة بسرقة أجزاء جديدة من الأرض الفلسطينية، وذلك ببناء مشروع لصوصي من ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في القدس المحتلة والضفة الغربية.
في هذه الأثناء كان البوق الآخر الدبلوماسي قد أعد نفسه جيدًا لعملية تبادل الأدوار في إطار حملة التشويش التي تقوم بها كالعادة حكومات الاحتلال للتغطية على جريمة نكراء ترتكبها ضد صاحب الحق الشعب الفلسطيني.
هذا البوق الذي هو أشبه بنعيق البوم هو صوت المتطرف الآخر أفيجدور ليبرمان وزير خارجية الاحتلال الصهيوني الذي زعم أن حكومة الاحتلال الحالية ملتزمة بحل الدولتين ومستعدة لإطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين فورًا دون شروط مسبقة وحتى " تقديم بوادر حسن النية لهم "، مقابلًا هذا الاستعداد المزعوم بتبرير السرقة الجديدة للأرض الفلسطينية، واصفًا إياها بأنها "حق لكيان الاحتلال القيام بمشاريع معمارية في عاصمته المزعومة".
طبعًا هذه السرقة الصهيونية الجديدة للأرض الفلسطينية هي صفعة قوية يوجهها لحلفائه وداعميه ومناصريه (وكذلك الممتنعين) الذين رفضوا التصويت لصالح قرار وضع مراقب غير عضو لدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس الماضي، فهذه السرقة فضحت بكل المقاييس النفاق الذي يطغى على سياسة الرعاة المزعومين لما يسمى بعملية السلام، إذ أسقطت هذه السرقة مثل غيرها مجددًا القناع الذي يحاول أن يتخفى خلفه أولئك الذين يدَّعون بأنهم مع السلام وحل الدولتين ورفض الاستيطان، حيث جاءت ردود فعلهم كالعادة باردة كمن يربت على كتف ابنه أو صديقه تعبيرًا عن الموافقة بل والدلال. ألم تهدد هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إذا ما أصر على الذهاب إلى الأمم المتحدة؟ أولم تبرر معارضتها لهذه الخطوة بأن الحل يمر عبر تل أبيب ورام الله وليس عبر نيويورك؟ وإذا كان كذلك فما الذي يعرقل الحل اليوم أليست السرقة المستمرة للأرض الفلسطينية تحت مرأى ومسمع بلادها تحديدًا؟ فأين دورها ودور بلادها من هذا الاستمرار في اغتصاب الأرض الفلسطينية؟ وما معنى قول الوزيرة الأميركية: "إذا كنتم غير قادرين على التوصل إلى اتفاق كامل يعالج كل المسائل المعقدة جدًّا، فإن من مصلحة "إسرائيل" أن تحاول، وأن " هذا الأمر سيتيح "لإسرائيل" أن تسمو وأن تترفع عن الصدام، تلك هي المكانة التي أريد أن تحتلها "إسرائيل"؟". فهذا كلام مبهم عائم.
إن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بحاجة إلى موقف غربي عموما وأميركي على وجه التحديد، واضح وفعال، موقف حقيقي ليس عبارة عن كشك يبيع فيه المسؤولون الأميركيون والأوروبيون وعودًا وتصريحات جوفاء للشعب الفلسطيني والشعوب العربية بهدف امتصاص غضب أو ابتزاز موقف عربي ما.

Email