تأييد دولي ينبغي استثماره بسرعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من المبالغة في شيء القول إن التصويت الدولي الواضح، والبالغ الدلالة أيضًا، لصالح قبول فلسطين دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة، وهو القرار الذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول، هو قرار على جانب كبير من الأهمية، ليس فقط بالنسبة للسلطة الفلسطينية وللقضية الفلسطينية ككل، ولكن أيضًا بالنسبة لعملية السلام وإمكانية إعادة تحريكها خلال الفترة القادمة.

وإذا كان من الواضح أن التأييد الدولي للشعب الفلسطيني ولنيله لحقوقه المشروعة وفي مقدمتها دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، قد سار خطوة أخرى لدعم محاولات الفلسطينيين الحصول على حقوقهم عبر الشرعية الدولية، ومن خلال الأمم المتحدة، فإن من أهم دلالات هذا التأييد أنه استمر، وتحول إلى قرار مساند برغم كل محاولات التعويق من جانب إسرائيل والولايات المتحدة اللتين أعربتا بوضوح كذلك عن معارضتهما الشديدة لهذه الخطوة. وعلى ذلك أصبح هناك بالفعل موقف دولي أقوى وأكثر قدرة على السير نحو تأييد الحقوق الفلسطينية عبر المنظمات الدولية، وهو أمر من المهم والضروري العمل من أجل استثماره لصالح القضية والدولة الفلسطينية، بأقصى قدر ممكن، وبأسرع وقت كذلك.


 ومع الوضع في الاعتبار أن إسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، قد لوحتا بما هو أكثر من معارضة القرار، وحاولتا التقليل من أهميته، بل أنهما توعدتا، بشكل أو بآخر باتخاذ إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، إلا أن ذلك كله لا يمكن أن يقلل من قيمة القرار، على الأقل على الصعيد الرمزي، وهو أمر تحتاجه القضايا الكبرى أحيانًا، وتحتاجه القضية الفلسطينية الآن إلى حد كبير من أجل محاولة إعادة إسرائيل إلى مائدة المفاوضات، وبشكل يفيد عملية السلام بشكل عملي وملموس أيضًا. وبرغم التهديدات الإسرائيلية التي صدرت في أعقاب التصويت على مشروع القرار، وسبقته أيضا، إلا أن المؤكد هو أنه من غير الممكن القول بأن القرار كأن لم يكن، أو أنه لن يغير من الأمر شيئًا بالنسبة للفلسطينيين، وبالنسبة لعملية السلام، وكذلك بالنسبة لكل الأطراف المعنية بالسلام في الشرق الأوسط، وهو ما سيتضح إلى حد كبير خلال الفترة القادمة.


 وفي هذا الإطار فإنه من المهم والمفيد أيضًا أن تبادر السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، وبدعم قوي ومتواصل من جانب جامعة الدول العربية، ومختلف الدول العربية والإسلامية أيضًا، إلى العمل من أجل تحويل القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى بداية لتحرك دولي يعزز ويساند الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية في مساعيها لنيل الاستقلال الفلسطيني وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، خاصة بعد أن أدرك المجتمع الدولي أنه من غير الممكن استمرار حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة كأي شعب آخر في العالم. لذا فإن هناك الكثير مما ينبغي عمله خلال الفترة القادمة.

Email