العدوان على غزة الأمس واليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

 على إسرائيل أن تدرك أن منطقة الأمس التي كانت تعربد فيها من دون منازع لم تعد كما كانت، فالعدوان الذي تشنه حاليا على غزة حافل بالمؤشرات، إن لجهة بسالة حماس التي تتجدد في كل مواجهة مع البطش الإسرائيلي، وإن لجهة الموقف العربي الداعم للغزاويين في معركة الوجود والحقوق.

لم تعد غزة محاصرة أو مكتوفة الأيدي، كما لم تعد المدن الإسرائيلية، بما فيها العاصمة العبرية بمنأى عن صواريخ حماس، ومن ثم فعلى إسرائيل أن تستوعب درسا مفاده أن الإرادة الصلبة أقوى من سلاحها، وأن ارماداتها العسكرية قابلة للكسر، فقد كانت إسرائيل من قبل جلادا يلهب بسياطه ظهر ضحيته المكتوفة الأيدي والمحاصرة، غير أن غزة الآن لم تعد كذلك.

وإذا كان الخطاب الإسرائيلي سابقا يزهو بأن دويلة على مساحة صغيرة بوسعها أن تقهر جيوش دول من حولها أكبر منها مساحة، فها هي غزة الصامدة تكذب اليوم هذا الخطاب، وتلقن عدوها درس الدروس في الصلابة والصمود والبسالة، إذ أن إرادة صاحب الحق، المدافع عنه، تكون أقوى دائما من إرادة مغتصبه.

لقد كان الاستخفاف الإسرائيلي بمقدرات الشعب الفلسطيني، يبلغ حد أن العدوانات الإسرائيلية سابقا ضمن أجندة انتخابية، وبهدف ترجيح كفة صقور الدولة العبرية انتخابيا، ولكن صواريخ حماس وصلابتها تجبر اليوم هؤلاء الصقور على فرار إلى مجهول.

إن إسرائيل تضع اليوم نفسها - بقصد أو دونه - إلى جوار النظام السوري الذي أغلق مكاتب حماس، وذلك من خلال عدوانها على غزة الحمساوية، وهو عدوان استباقي على القطاع يستهدف - من بين ما يستهدفه - حرمان سوريا من نظام جديد، تدرك قبل غيرها أنه سيكون على العكس مما اشتهته سفنها التي تحاصر غزة وتقصفها.
 

Email