تطبيق الشريعة‏..‏ ثوابت وضوابط

ت + ت - الحجم الطبيعي

يثور جدل واسع في المجتمع المصري حاليا حول مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية‏, وضرورة تعميق ذلك التطبيق في سائر مناحي الحياة, وهو أمر حق, ولا جدال فيه, بل هو محل إجماع غالبية الشعب المصري, لكنه يحتاج إلي تأكيد عدد من الثوابت, والضوابط.

أول هذه الثوابت أن قضية الشريعة قضية مفصلية في مستقبل الأمة, وأن التمزق بين هويات الشرق والغرب, هو أمر عانت منه الأمة كثيرا, ولم تجن منه سوي التراجع الحضاري, وبالتالي فإن استمرار هذا التمزق, وترك مسألة الهوية دون تحديد; أمر يصب في مصلحة أعدائها.

ثاني هذه الثوابت هو ضرورة الفهم العميق للشريعة الغراء, ومقاصدها العظيمة, في حفظ النفس والعقل والدين والمال والعرض, وقيامها علي تحقيق مصالح العباد, واستهدافها إسعادهم, مما يجعل هذا الفهم لازمة من لوازم الحديث عنها, والتبشير بها.

أما الضوابط فأهمها أنه عند الحديث عن تطبيق الشريعة يجب أن يركز المخلصون علي إقامة مبادئها الكلية, وتحقيق مقاصدها العامة, إذ يجب الاهتمام أولا بإقامة دولة المؤسسات, وترسيخ الاستقرار الأمني, والسلم الاجتماعي, والرفاه الاقتصادي, وإقامة نظم العدل والقسط, ومنع الفساد والظلم, مع ترسيخ الشوري والانتخاب كثقافة شعبية, وصيانة الحريات العامة, وعدم المساس بالحريات الشخصية, لا سيما في الملبس, والسلوك, وبما لا يتعارض مع ثوابت المجتمع, وأعرافه.

لكن بعض الغلاة يقدم الشريعة إلي الناس علي أنها حدود فقط, وهذا خطأ, أو يقدمها دون بيان شروط إقامتها في الأرض, وهي- أولا- قبول النفوس لها, وتهيئتهم إيمانيا للعمل بها, وهذا خطأ أيضا; فمن المهم البدء بإصلاح النفوس, وإحياء الضمائر, وشحذ العزائم, وهذا كله من لوازم تطبيق الشريعة, بل هو الأصل الأعظم فيها.

ذلك مع تهيئة المجال للتطبيق العملي لتعاليم الشريعة, من خلال زرع الأخلاق الحسنة, وبث المعاملات الكريمة, في المجتمع, وبين جميع شرائحه, وهنا تتحول الشريعة إلي ممارسة شعبية عملية, تمثل مقدمة ليشرق نورها علي الأرض.


 

Email