التعليم وأهمية مواكبة متطلبات العصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما نعتز ونفخر به منذ بزوغ فجر نهضتنا المباركة على يد مفجر طاقاتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الاهتمام الكبير بمسيرة التعليم التي شكلت الرافعة الحقيقية لانطلاق الطاقات والعقول المفكرة والسواعد البانية لصروح هذا الوطن المعطاء.

فالذي لا يمكن نكرانه أن التعليم هو القاعدة الصلبة والعريضة التي تقوم عليها بقية أركان التنمية، ولذلك كانت البدايات الأولى للتعليم في السلطنة تمثل تحديًا حقيقيًّا، شكل التغلب عليه تحولًا كبيرًا في مسار عملية البناء والتعمير والانسجام مع بقية القطاعات الأخرى، فكان النجاح المنجز في مسيرة التعليم مؤشرًا على أن ثمة إعجازًا قد بزغ بنور يهدي نحو تبديد ظلمات الجهل، وأن ثمة حالة صحية وثباتًا قد تحققا، وهذا ما كان ليكون لولا فضل الله وفضل الحكمة والحنكة والإرادة القوية والعزيمة الصلبة التي أسبغها المولى عز وجل على عاهل البلاد المفدى ـ أيده الله.

ومن منطلق إيمان قائد مسيرة نهضتنا المباركة، بأن التعليم أحد الحقوق الأساسية المكفولة للمواطن، إضافة إلى كونه رافعة التنمية، امتدت مظلة التعليم لتشمل جميع أبناء هذا الوطن دون استثناء، حيث انطلقت كل أسرة عمانية تحظى بنصيبها من هذه الهبة السخية. ولعل الإحصائيات التي تصدر عن المؤسسات التعليمية والتربوية تشير بوضوح إلى الإنجاز الكبير الذي تحقق في مجال التعليم والصروح التعليمية والعلمية التي نهضت وتنهض إلى يومنا هذا، وعدد الطلاب المقيدين في مختلف الصفوف ومدى ما يشهد من تصاعد مستمر.

ولما كانت الحياة العصرية تأتي كل يوم بجديد من العلوم والابتكارات والمخترعات، ولما كان التعليم المعمل الذي يشكل العجينة وفق المراد، ويبني العقول ويوجه الطاقات الشابة صوب الأهداف المنشودة نحو تحقيق تنمية مستدامة، كان لا بد من مواكبة هذا الجديد، ليكون مجتمعنا مجتمعًا متعلمًا ومثقفًا عارفًا بتضاريس حياته وحياة الأمم من حوله بكل تفاصيلها، ومتابعًا لكل مخرجات الحركة العلمية والتقنية ومخترعات العصر، ومن هنا جاءت الدعوة الكريمة من لدن الراعي الأول لمسيرة التعليم في السلطنة ـ أبقاه الله ـ إلى مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات التي يشهدها الوطن، والمتطلبات التي يفرضها التقدم العلمي والتطور الحضاري وصولًا إلى بناء جيل مسلح بالوعي والمعرفة والقدرات المطلوبة للعمل المفيد، وذلك لما تفرضه وتتطلبه طبيعة المرحلة التي نمر بها والمرحلة القادمة.

فسوق العمل الآن يعج بالكثير من الابتكارات والمخترعات، والعديد من المهن المختلفة التي تتطلب من التعليم في بلادنا مواكبتها، في ظل التوجه الذي توليه القيادة الحكيمة عناية كبرى بتوفير فرص العمل وسبل العيش الكريم للمواطن، والاستغناء التدريجي عن القوى العاملة الوافدة، وانطلاقًا من كل ذلك جاء إنشاء مجلس التعليم لينهض بهذا القطاع، وينظم مسيرة التعليم، ما يتطلب بالتالي تكاتف الجميع حول هذا المجلس، ووعي شبابنا وشاباتنا الذين هم على مقاعد الدراسة بأهمية العلم في تطور وطنهم وتقدمه، والإيمان بأن الوطن لا تبنيه إلا سواعد أبنائه.

 

Email