يُعدّ مرجعاً مهماً في رياضة الصيد بالصقور

زايد رائد الموازنة بين القنص والحفاظ على البيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أيام المؤسس 03

كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، يمتلك خبرة كبيرة في مجال الصيد بالصقور ويعدّ مرجعاً مهماً في هذه الرياضة، وهو بالتأكيد أوسع هذه المراجع وأكثرها دقة، لأن معلوماته تأتي من خبير مارس هذه الرياضة منذ فترة طويلة وبرع فيها·

وقد تضمن كتاب «رياضة الصيد بالصقور» سبب حبه لهذه الرياضة وبدايته معها، وتحدث فيه عن رحلات القنص الجماعية وفوائدها، وقدم عرضاً شيقاً لتاريخ هذه الرياضة عند العرب، وتحدث كذلك عن آداب الصيد عندهم، ووصفاً تفصيلياً لأنواع الصقور ومواصفات المدرب والعديد من الموضوعات الأخرى المتعلقة برياضة الصيد بالصقور·

انطلق اهتمام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» بالبيئة، وضرورة المحافظة عليها وتنميتها من مبدأ يستهدف تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، والحفاظ على حق الأجيال المتعاقبة في التمتع بالحياة، في بيئة نظيفة وصحية وآمنة.

وقد أكد رحمه الله ذلك بقوله: «إننا نولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض للمحافظة عليها، وأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط، وتركوا منها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً ونبعاً للعطاء».

أنظمة وبرامج

وأضاف: «لقد عملنا منذ قيام دولتنا على حماية البيئة والحياة البرية وتوفير كل الأنظمة والتشريعات والبرامج والمشاريع التي جعلت دولة الإمارات سباقة إلى الاهتمام بالبيئة وأنموذجاً يحتذى على المستوى العالمي في الاهتمام بالبيئة وحمايتها وحفظها.

هذه الإنجازات يجب أن تكون حافزاً لنا جميعاً وخاصة لشباب الإمارات جيل المستقبل، لمواصلة العناية بالبيئة والمحافظة عليها سليمة ونظيفة، لأننا إذا لم نفعل، فإننا سندمر الموارد التي حبانا بها الله سبحانه... فهذه الموارد ليست لنا وحدنا، بل هي أيضاً لأبنائنا وأبناء أبنائنا».

حرص رحمه الله على الحفاظ على رياضة الصيد بالصقور، باعتبارها من أهم الرياضات التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد في منطقة الخليج والجزيرة العربية، حيث برع أهل الإمارات منذ زمن بعيد في معرفة أنواع الصقور وأفضل أساليب تربيتها وتدريبها وحسن معاملتها، وكيفية تطويع هذا الطير الجارح الذي يعتبر رمز القوة ودليلاً على عزّة النفس.

كما تحدث الشيخ زايد بن سلطان، عن هذه الرياضة التي يعتبر العرب أول من عرفوها، ثم انتقلت إلى البلدان الأخرى، وقال: «إننا نحرص على الاحتفاظ بالتراث والتقاليد العربية الأصيلة مهما خطونا إلى ميادين الحضارة، وإن الصيد بالصقور رياضة مهمة ووسيلة تعلّم الصّبر والجَلَد.

وهي مفيدة نفسياً وجسدياً، ورياضة اجتماعية تجمع بين رفاق الرحلة وتسودها روح الجماعة، كما أن لهذه الرياضة تقاليدها وآدابها وأنواعها، من حيث سرعة الصقور وقدرتها على الطيران أو المناورة أو الصيد أو الانقضاض على الطعام».

رياضة وهواية

«القنص» كما يسميه أهل الخليج، هو الرياضة والهواية التي يجد فيها محبوها متعة كبيرة مهما كانت مشقتها ومتاعبها وكلفتها، ويمارسها الخليجيون منذ سنوات طويلة، سواء في الأيام القاسية الماضية أو أيام الرخاء الحالية، حتى إنهم برعوا فيها أيما براعة فأصبحوا مراجع ناطقة متحركة محترمة يعتد بها.

وقد نجحت الإمارات بالتعاون مع بعض الدول العربية والأجنبية في إدراج رياضة الصيد بالصقور ضمن التراث العالمي وهو إنجاز كبير يرفع قدر وقيمة هذه الرياضة ويكسبها شعبية أكبر على المستوى المحلي والعالمي.

شهر أكتوبر عندما يدق أبوابنا، تدق معه أيضاً قلوب هواة هذه الرياضة بالفرح والاستبشار بعد طول انتظار، فهم قد أعدوا للأمر عدته، وجهزوا طيورهم (صقورهم)، ومع أول إخبارية يرتسم الفرح على الوجوه وفي القلوب·· حيث يبدأ موسم القنص·

هواة القنص

بناء على توجيهات الشيخ زايد طيب الله ثراه، وحرصاً منه على سلامة وراحة أبنائه المواطنين الراغبين في ممارسة هواية القنص خارج الدولة، فقد صدرت التعليمات لكل من يرغب في السفر إلى الخارج لهذا الغرض بضرورة الحصول على تصريح من وزارة الداخلية، متقدماً بطلبه إلى أقرب إدارة للشرطة، موضحاً فيه وجهة سفره ومدته وموعده.

وبعد الحصول على التصريح، عليه الاتصال بسفارة دولتنا في البلد الذي ينوي السفر إليه ويحدد موعد وصوله ورقم رحلة الطيران والمدة التي سيقضيها والمكان الذي ينوي القنص فيه، حيث تتولى السفارة متابعته وتسهيل أموره، وتقديم المساعدة له إذا تطلب الأمر·

الصيد بالصقور

الصيد بالصقور في العالم هو استعمال صقور مدربة للحصول على طرائد برية، وأصل الصيد بالصقور منشأه الشرق الأقصى، حيث تذكر المراجع التاريخية أنه عرف منذ 4000 سنة، ولعل أول مخطوطة واضحة عن الصيد بالصقور هي التي اكتشفت باليابان ويرجع تاريخها إلى 244 سنة قبل الميلاد.

ومن شرقي آسيا انتشر الصيد بالصقور ووصل إلى أوروبا عن طريق القبائل الجرمانية· وفي إنجلترا كانت رياضة الصيد بالصقور شائعة قبل غزو النورمان، أما في العالم الإسلامي فإن الصيد بالصقور كان تقليداً مميزاً بتقنية آسيوية، وهذه التقنية انتقلت إلى الغرب مباشرة بعد الغزو الصليبي·.

كان لطبيعة حياة البادية عند العرب في الجزيرة العربية، ولما هو معروف عنهم من الاعتماد على النفس في تحصيل قوتهم أثر كبير في إقبالهم دون غيرهم على الصيد إقبالاً كبيراً، إلا أنهم لم يجعلوه فقط وسيلة للرزق، إنما جعلوه وسيلة ترفيه ورياضة وتدريب، وكان الصيد عندهم للغني والفقير على السواء، ومدعاة للفخر كما دلت على ذلك الأبيات الشعرية للعصر الجاهلي وما بعده.

 

 

Email