غيبوبة الأجهزة التنفيذية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الطقس السيئ الذي يعصف بالبلاد منذ أيام،‏ لم يغرق فقط شوارعنا وحاراتنا بمياه المطر  التي تسببت في إصابة مفاصلنا بالشلل التام, لكنه أزاح الستار عن حالة الغيبوبة الكاملة الغارقة فيها الأجهزة التنفيذية حتي النخاع. إذ ظهر جليا أن هذه الأجهزة لم توفر حتي الحد الأدني من الاستعدادات اللازمة لمواجهة ما سيترتب علي هطول الأمطار الغزيرة في عدة محافظات, فشبكات تصريفها كانت مغلقة بالضبة والمفتاح, وتخلت عن واجبها بهذا الخصوص تاركة الأمر للمواطن الضعيف الذي كابد المشاق للذهاب إلي عمله أو لقضاء حاجات أسرته.

الغريب أن الظاهرة البائسة كانت سائدة في العهد السابق ولم نكن نملك حيالها سوي كظم غيظنا والصبر في انتظار مجئ الفرج من السماء, غير أن استمرارها بعد مرور عامين علي الثورة قضية تبعث علي الألم والحيرة, لأننا نتحدث عن جوانب بديهية وبسيطة من المفترض قيام الأجهزة التنفيذية بها, فالشتاء لا يأتي فجأة, ولا نعرف ما الذي منع هذه الأجهزة من فحص شبكات التصريف وتجهيزها بالشكل اللائق, خصوصا في مدن ساحلية كبري مثل الإسكندرية التي غمرتها المياه تماما, بعد أن كانت في الماضي ملكة متوجة لا تنكسر أمام الرعد والعواصف, مهما بلغت من الحدة والعنف.

كذلك لابد من اعتراف الحكومة بفشلها في تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين الذين يحق لهم السير في شوارع تخلو من برك المياه المتجمعة علي جوانبها ووسطها, وأن يستقلوا وسيلة مواصلات لا تتعطل كلما تساقطت الأمطار, وعليها أن تحاسب المقصرين في الأجهزة التنفيذية الذين اثبتوا عمليا فشلهم الذريع, ولا ندري كيف سيكون الحال إذا تعرضت مصر لسيول وانهيارات أرضية لا قدر الله؟

بالتأكيد كنا سنشهد كارثة مفجعة بكل المقاييس, ومن ثم يتحتم إفاقة أجهزتنا التنفيذية من غيبوبتها عبر إصلاحها إصلاحا جذريا بتعيين كفاءات تقدر وتتفهم طبيعة الخدمات المقدمة لأبناء الوطن, وتخصيص الأموال اللازمة لأداء مهامهم الحيوية, ومحاسبة من يقصر, فعيب وألف عيب أن نغرق في شبر ميه.


 

Email